137

Tunis Mai Tawaye

تونس الثائرة

Nau'ikan

ولم نذكر من أعمال القمع بجهة الساحل إلا النزر اليسير والوقائع القليلة، كمثال لما وقع في بقية مدنها وقراها بدون استثناء. (3) جهة بنزرت

ولحق أيضا جهة بنزرت قسط وافر من الاعتداءات، فقد ابتدأت عملية «التطهير» ببلدة عوسجة يوم 27 / 2 / 52، وطوقت بحصار شديد، ثم فتش الجنود جميع بيوتها ودكاكينها بطريقتهم المألوفة، فأتلفوا المؤن والأرزاق، وحطموا الأثاث، ونهبوا وأفسدوا كل ما وجدوه، وعاملوا السكان بقسوة ووحشية، حتى لحقت الأضرار والجروح أكثر من خمسين منهم، واعتقل من بينهم ثمانية ساءت حالتهم جدا وأشرفوا على الهلاك من فرط ما لحقهم من تعذيب، ودامت عمليات القمع يومين وليلة. (4) الكاف

وبقيت مدينة الكاف عرضة للأعمال الوحشية مدة أسابيع، فبعد أن اعتقلت السلطات الفرنسية القادة الوطنيين في أوائل شهر فبراير وأبعدتهم إلى الصحراء برمادة، ألقت القبض يوم 22 / 2 / 52 على 14 شخصا آخرين، وقام يومها الجنود بنسف عدد من المنازل المجاورة للثكنة العسكرية.

وقتل ذلك اليوم جندي فرنسي، فاشتد الحصار على المدينة من الغد (23 / 2 ) واعتقل عدد كبير من الوطنيين، وأخذ الجيش يمطر الحي العربي بالقنابل اليدوية والمفرقعات المتنوعة، وهاجموا المسجد وألقوا فيه القذائف، فحطموا ما في داخله.

وتوجه أثر تلك الاعتداءات وفد يمثل سكان الكاف إلى العامل (المدير) وبلغوه احتجاجهم على تلك الأعمال الوحشية، وعقد المستشارون في هيئة بلدية الكاف اجتماعا يوم 25 فبراير وقرروا أثناءه تقديم استقالتهم - إذ أصبحت حياة كل من في المدينة في خطر - وهم السادة: عبد الجليل الباجي، وعبد الحفيظ قدور ، وعمار بن بلقاسم، وإبراهيم بن الشاذلي، ورمضان بن فبري، ودانا البير. وغني عن الملاحظة أنهم من سراة المدينة ومثقفيها وأعيانها، فأعلنوا هكذا عن انضمامهم إلى الكفاح الوطني.

وقد أعلن أهالي مدينة السرس الإضراب في 23 و24 فبراير تضامنا مع سكان مدينة الكاف. (5) باجة

وقاست مدينة باجة من الاحتلال الطويل والحصار الدائم ألوانا من الإرهاق، وكانت الطائرات الحربية تحلق فوقها من حين إلى حين لإنزال الرعب في القلوب، وفتش الكثير من بيوتها ونهب، وذاق أهلها مرارة التنكيل وعذب ثلاثة منهم عذابا أليما وهم: علي بن العبيدي، وعبد المجيد بن عثمان، ودياب بن خضيري، واعتقل عدد وافر من سكانها، وانتشر الجند في ضواحيها و«طهروا» هنشير الحلوفة وهنشير بو سعادة، وألحقوا بأصحابها العذاب وأتلفوا الأرزاق. (6) سوق الأربعاء

وقطعت أعمدة التليفون بجهة سوق الأربعاء ليلة 25 فبراير، فقدمت إليها القوات الفرنسية المسلحة وقامت بأعمال الترويع والتفتيش وإتلاف المؤن والأثاث في تلك المنطقة كلها، واستعملت الكلاب في تعذيب التونسيين، ومن بين المصابين امرأتان نهشتهما الكلاب ثم اعتدى عليهما الجنود بالضرب والدوس بالأقدام، وألقي القبض على عدد من الوطنيين. وعلى إثر تلك الحوادث ألف السكان وفدا من الأعيان قابل العامل واحتج لديه على هذه التصرفات المشينة، وأعلمه أن الشعب بأسره متضامن وسيتابع كفاحه لتحقيق أهدافه السامية. (7) كسرى

وفجعت بلدة كسرى في أبنائها وأرزاقها ونهبت بيوتها، وكانت مأساتها من أفظع ما يتخيل الإنسان، وقد حوصرت مدة أسابيع حصارا عزلها عن العالم وقطعها من المواصلات حتى جاع أهلها وكادوا يتلفون جميعا.

أما مدينة مكثر القريبة منها، فإن الجنود لم يقتصروا فيها على ما اعتادوه من تدمير ونهب وإفساد وترويع، بل أرادوا أن يلحقوا بأهلها العار باعتدائهم الشنيع على شرف نسائها. لقد قام الجند يوم 27 فبراير بتفتيش محل السيد فرج بن علي السياد، ثم حملوا معهم زوجته وابنته وزوجة ابنه بالقوة، ولما اعترض الرجل طريق المعتدين ضربوه ضربا مبرحا بمؤخرة البنادق، وسيق النسوة إلى مكان مجهول، وبعد يومين في صبيحة 1 / 3 / 52 عثر عليهن في حالة إغماء مطروحات في أحد الحقول وحالتهن يرثى لها، فنقلن إلى المستشفى، كما نقل إليها أيضا السيد فرج الذي أصيب في إحدى عينيه بجروح خطيرة.

Shafi da ba'a sani ba