190

Kyautar Sarakuna

تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء

Bincike

عبد الستار أحمد فراج

Mai Buga Littafi

مكتبة الأعيان

Nau'ikan

Tarihi
فقال له بدر: خذ نحريرًا وامض به إلى ديوانه وجئني به. فجاءه به، فلما رآه قال له: أمسيطر أنت على مولاي أم شريك له؟ يقطعني الإقطاعات فتمتنع منها وتعترض فيها! فقال له: اسمع أيها الأمير قولي، فإن ثبتت عندك حجة لي فخفض من لومي وإلا عملت بعدها ما رأيت. أنت تعلم أن قوام الملك بالمال، وأن الجند لا يسمعون ولا يطيعون إلا إن أعطاهم، وإن عدموا المال كان ذلك الداعية القوية إلى ذهاب الملك وسفك الدماء وانقطاع السبل وانتهاك المحارم. وجميع المال في عنقي وعلي فأذا خرجت الضياع من الإقطاع تبعها الخراج فتحيفت الحقوق، وأضيف إلى كل ناحية ما يجاورها، وكان في ذلك مالًا خفاء به مما أعوذ بالله منه. قال له: صدقت يا أبا العباس أيدك الله ارتفع فإن الحق في يدك. وإنما تحرس بهذا الفعل نعمة مولاي من أن تزول، ودماء الخاصة والعامة من أن تراق، وكل من يخاطبني فإنما يتبع هواي ولا ينظر في أعجاز الأمور. أحضروني خلعًا. فأُحضرها فمنحها أبا العباس، واحتسبه حتى أكل عنده وقدمه في مجلسه، ودعا بطيب طيبه به. فلما أُحضرت المجمرة قام أبو العباس ليتبخر خارج المجلس، كما كان أبو القاسم عبيد الله يفعل وهو كاتبه إذا أمر له بمثل هذا. فحلف بدر أنه لا يتبخر إلا بين يديه. فبخره وخرج، فأمر نحريرًا وابن سمعان بالركوب معه إلى ديوانه على سبيل التكرمة وقال له: يا أبا العباس، لا ترى قط من إلا ما تحب بعد هذا اليوم ولا تجري مني إلا مجرى الأخ، ولست أُورد عليك توقيعًا بإقطاع ولا ضيعة بعد هذه الدفعة. قال: وسمعت أبا الحسن محمد بن عبدون يقول: سمعت بدرًا يقول بعد خروج ابن الفرات: لا يزال السلطان بخير ما دام في كتابه مثل هذا الرجل لولا عجلة فيه.

1 / 200