Kyautar Mai Duba
تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر
Bincike
علي الشنوفي (أستاذ مُبرِّز)
Mai Buga Littafi
المعهد الثقافي الفرنسي - دمشق
Inda aka buga
سوريا
Nau'ikan
Siyasa da Shari'a
وبهذا تبين فساد القول بأن مشرع هذه الصدقة من العقوبة في المال أو بالمال فإن قالوا قد تكفل ذلك قوله في المدونة يتصدق به أدبا لصاحبه قلنا إنما قال أدبا لما وقع استحسانه من الصدقة بعين ذلك المال الذي وقع الغش به وإلا فلا خصوصية له عن سائر مال من اغتره والحرام ذمته بالغش أو بالربا أو بالمكس أو غيرها من سائر المظالم فقال أدبا له أي بإيلام قلبه بإتلاف ما أوقع المعصية فيه.
لأن الغالب أن الآداب الحالة بمن ارتكب محظورا إنما تكون في النفس أوقع وفي الزمان أردع عند العثور عليه متلبسا بذلك المحظور فحسن لذلك قوله أدبا له لأن العقوبة والأدب إنما حصلا له بإيلام قلبه بإزالة المال الذي انتهك فيه حرمة الحق لا بالمال نفسه لأنه لا ما كله عليه وإنما هو للمساكين بسنة العلماء به سنة المغترق الذمة استحسانا. فقد قال الإمام تسعة أعشار الفقه استحسان عشر واحد في القياس.
ولأجل باب الاستحسان وقع اختلافهم في القدر الذي يتصدق به. فمنهم من رأى الاقتصار على القليل ومنهم من رأى عموم الصدقة به قليلا كان أو كثيرا واختار بعضهم التحرير. قال في "تنبيه الحكام" لما حكى قول ابن القاسم بالاقتصار على القليل والذي اختاره من جهة النظر والاستدلال بلا أصول وأظن أني سمعته من بعض أشياخنا أن ما كان من ذلك كالخبز الناقص والشيء المغشوش بغيره مما ينتقص بالغش استيفاء الحق فيه وكنقص الذرع والوزن والكيل وما في معنى ذلك مما لا يستوفي منه المشتري حقه مما علم من ذلك أن الغاش قد فوته أو شيئا منه بالبيع على تلك الحال من قوم لا يعرفون ولا يمكن استرجاعهم فواسع أن يخرج من مال الغاش القدر الذي يعلم إن تحرى أنه احتبس لأولئك المشترين ويتصدق به على أربابه المستحقين له في علم الله تع لأن ذلك حق بقي في يديه لغيره ممن لا يتمنى على شبه الاختلاس والغصب فكان للحاكم أن يتصدق به على مستحقه ولا يترك في يد غاصبه فيتم له غرضه من الحرام بل يستحق الغاش مع ذلك الأدب الزائد على إيلام نفسه بنزع المال فإن الحكم فيمن غصب حقا لأحد أن يكون عليه بعد الأعداد الأدب والسجن على قدر اجتهاد الحاكم حقا لله لا يسقطه عنه عفو المغصوب منه لأنه ظالم وعقوبة الظالم واجبة ليتناهي الناس عن حرمات الله. وكذلك يكون احتباس الناس لحقوق في نقل الكيل والوزن والذرع من نوع الغصب والعداء فهذا المسلك في الحكم بعقوبة الغاش في الأموال ظاهر التوجيه والاستدلال وعدل فيما تقدم من الأقوال هـ.
1 / 117