بالموضحة ويأخذ المجني عليه ما بين الديتين وعلى هذا القياس جمعا بين الحقين وكلما ثبتت الدية في العمد فإنما تجب في مال الجاني وكذا الشبيه به إنما يوجب الدية عينا في مال الجاني أيضا وإن تعذر الاستيفاء منه فيهما بموت أو هرب فالأكثر ومنهم المصنف بل قيل إنه اجماع على أنه يؤخذ من الأقرب إليه ممن يرث ديته فإن لم يكن فمن بيت المال لموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) في رجل قتل رجلا عمدا ثم هرب فلم يقدر عليه قال إن كان له مال أخذت الدية من ماله وإلا أخذت من الأقرب فالأقرب ولا يطل دم امرئ مسلم ومثلها صحيحة ابن أبي نصر عن أبي جعفر (ع) والروايتان أخص من المدعى وقيل لا دية في العمد مطلقا ولا في الشبيه به من مال قريبه والوجه الاقتصار على مدلول الخبرين والخطأ المحض إن ثبت باقرار الجاني أوجب الدية في ماله مطلقا وكذا إن ثبت لبينة في الذمي وفي العبد يتعلق برقبته على المشهور أما في الحر المسلم فيوجب الدية في مال عاقلته ابتداء على الأظهر كما في المفاتيح وهم العصبة والمعتق وضامن الجريرة والإمام والدية تسمى عقلا لأنها تعقل لسان الولي والعقل أيضا المنع وقد كانت العشيرة في الجاهلية تمنع عن الجاني بالسيف ثم منعت عنه في الاسلام بالمال وضابط العصبة من يتقرب بأبيه من الذكور كالأخوة والأعمام وأولادهم على المشهور وقيل من يرث دية القاتل لو قتل وقيل من يرثه بالفرض خاصة ومع فقده يشترك في العقل من يتقرب بالأم مع من يتقرب بالأب أثلاثا واختلف أيضا في دخول الآباء والأولاد والمشهور العدم أما الصبي والمجنون والمرأة والفقير عند حلول الأجل فلا وكذا أهل البلد وأهل الديوان عندنا قولا واحدا وروى المحمدون الثلاثة عن سلمة بن كهيل قال أتي أمير المؤمنين (ع) برجل قد قتل رجلا خطأ فقال له أمير المؤمنين (ع) من عشيرتك فقال مالي بهذا البلد عشيرة ولا قرابة قال فقال فمن أي البلدان أنت قال إنا رجل من أهل الموصل ولدت بها ولي بها قرابة وأهل بيت قال فسئل عنه أمير المؤمنين (ع) فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة قال فكتب إلى عامله على الموصل أما بعد فإن فلان بن فلان وحليته كذا وكذا قد قتل رجلا من المسلمين خطأ وذكر أنه رجل من أهل الموصل وأن له بها قرابة وأهل بيت وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان بن فلان وحليته كذا وكذا فإذا ورد عليك انشاء الله وقرأت كتابي فافحص عن أمره وسئل عن قرابته من المسلمين فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت له قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك ثم انظر فإن كان رجل منهم يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذه بها نجوما في ثلاث سنين فإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب ففض الدية على قرابته من قبل أبيه و على قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية وعلى قرابته من قبل أمه ثلث الدية وإن لم يكن له قرابة من قبل أمه ففض الدية على قرابته من قبل أبيه من الرجال المدركين المسلمين ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابته من قبل أمه ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها ونشأ ولا تدخلن فيهم غيرهم من أهل البلدان ثم أستاد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفيه انشاء الله وإن لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ولم يكن من أهلها وكان مبطلا فرده إلي مع رسولي فلان بن فلان انشاء الله فأنا وليه والمؤدي عنه ولا يطل دم امرئ مسلم انتهى ويسقطها الحاكم على ما يراه بحسب أحوال العاقلة وقيل يؤخذ من الغني عشرة قراريط ومن غيره خمسة قراريط وهل يجمع بين القريب و البعيد أم يرتب في التوزيع إلا مع عجز الأقرب عن الاتمام قولان ومع فقد العصبة فالمعتق ثم ضامن الجريرة وهو يعقل ولا يعقل عنه إلا مع دوران الضمان ومع فقده يؤديه الإمام من بيت المال وقيل بل تؤخذ حينئذ من الجاني فإن لم يكن له مال فمن الإمام وعمد الصبي والمجنون خطأ يوجب الدية على عاقلتهما اجماعا لرفع القلم عنهما وكذا النائم إذا جنى بحركته وانقلابه على المشهور لعدم قصده إلى الفعل ولا الجناية خلافا لمن جعله شبيه عمد جعلا له من الأسباب وروي في الظئر إذا قتلت صبيا بانقلابها عليه في النوم أن عليه الدية في مالها إن ظئرت طلبا للعز والفخر وعلى عاقلتها إن ظأرت من الفقر وقد عمل بها المحقق وغيره وتثبت الجناية بأحد أمور ثلاثة أما شهادة عدلين لا شاهد ويمين ولا شاهد وامرأتين في الموجبة للقصاص وقيل بل تجب به الدية جمعا بين ما دل على عدم الثبوت بذلك مطلقا وما دل على الثبوت به وأما الموجبة للدية فتثبت به بلا خلاف كما في المفاتيح ولو كذبهما المشهود عليه لم يسمع كما في غيره أما لو ادعى الموت بغير الجناية المشهود عليها من غير تكذيب لهما سمع مع امكانه ويمينه ولو تعارضت البينتان على اثنين فالمشهور ثبوت الدية بينهما وإن كان عمد الثبوت القتل من أحدهما وعدم تعين الجاني ليقاد منه وقيده المصنف وغيره بما إذا لم يدع الولي على أحدهما فيتعين للقود أو الدية لقيام البينة بالدعوى وتهدر الأخرى ومنهم من خير الولي ولا فرق في الثبوت بالبينة بين ما إذا كان المشهود عليه حرا أو عبدا واقرار الحر دون العبد فلا يلزم به قبل العتق ولو مرة واحدة على المشهور وقيل مرتين ولو أقر اثنان على البدلية قيل يتخير الولي في تصديق أيهما شاء لأن كل واحد سبب مستقل ولا يمكن الجمع وليس له على الآخر سبيل واستدل لهم برواية المحمدين الثلاثة عن الحسن بن صالح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه فقال أحدهما أنا قتلته عمدا وقال الآخر أنا قتلته خطأ فقال إن أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ سبيل وإن أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد سبيل وهي أخص من المدعى ولا دلالة فيها على التخيير ولو رجع الأول فالمروي في قضية الحسن بن علي (ع) سقوط الدعوى عنهما جميعا وثبوت الدية في بيت المال ولو تعارض البينة والاقرار وأبرأ المقر المشهود عليه فإن اختار الولي الدية كانت بينهما نصفين وإلا فلا قصاص من المشهود عليه إلا برد نصف ديته فإن اقتص منه خاصة فمن المقر أو منهما فمنه خاصة أو من المقر فلا رد والفرق أن المشهود عليه لم يبرئ المقر بخلافه فيلزمه حكم قراره كذا في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) ومنهم من اقتصر على التخيير ومنع من الاقتصاص منهما جميعا كما في تعارض الاقرارين وقواه المصنف في المفاتيح والقيد المتقدم
Shafi 36