المسناة يصلحها فما تقول في ذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام ما أحب أن عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء وأن لي ما بين لابتيها لا ولا مدة بقلم إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد وفي الصحيح عن يونس بن يعقوب قال قال لي أبو عبد الله (ع) لا تعنهم على بناء مسجد وروى بن بابويه عن الحسن بن زيد عن الصادق عن آبائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من علق سوطا بين يدي سلطان جاير جعل الله ذلك السوط يوم القيمة ثعبانا من نار طوله سبعون ذراعا يسلطه الله عليه في نار جهنم وبئس المصير ثم قال وربما يستأنس له بظاهر قوله (تع) ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وأيضا فعلى هذا فلا معنى حينئذ لتخصيص الإعانة بالظالمين فإن إعانة كل أحد بالمحرم محرمة بل فعل المحرم في نفسه حرام سواء كان إعانة أو غير إعانة والظاهر أن مرجع الإعانة إلى العرف فما سمي إعانة عرفا حرام وأما ما ينقل عن بعض الأكابر يعني عبد الله بن المبارك على ما نقله أبو حامد أن خياطا قال له إني أخيط للسلطان ثيابه فهل تراني بهذا داخلا في أعوان الظلمة فقال الداخل في أعوان الظلمة من يبيعك الإبر والخيوط وأما أنت فمن الظلمة أنفسهم فالظاهر أنه محمول على نهاية المبالغة في الاحتراز عنهم والاجتناب عن تعاطي أمورهم وإلا فالأمر مشكل جدا هذا كلامه زيد اكرامه ولا يذهب عليك قصور هذه الأدلة جميعا عما هو بصدده من إفادة تحريم الخياطة ونحوها من الأعمال المباحة بالذات لهؤلاء الموجودين في هذه الأعصار من سلاطين الاسلام الذين بهم تقوم أكثر مصالح الدنيا وكثير من مصالح الدين وذلك لأن شهود جماعة بني أمية المتظاهرين بالفجور وشرب الخمور وسب أمير المؤمنين (ع) وقتل أهل البيت (ع) و غصبهم حقوقهم من أعظم المناكير وأدخل في شوكتهم وتفحيل أمرهم من جباية الفئ وغيرها من الأمور المعدودة في الرواية فالنهي عنه عن محرم محكم التحريم بين الغي ولا دلالة له على المدعى بوجه من الوجوه وحسنة ابن أبي يعفور وصحيحة يونس بن يعقوب بل موثقته يحتملان الاختصاص بموردهما أعني سلاطين تلك الأعصار الذين حالهم ما عرفت والحمل على ما حمل به كلام بعض الأكابر أخيرا وهو المبالغة والتنزيه التام فإن مباشرة أعمالهم ملزومة غالبا لمواجهتهم ومخالطتهم وربما ينجر ذلك إلى الميل إليهم والطمع في دنياهم والولوج في أمرهم وإعانتهم في الظلم فإن من رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه كما مر ومن مراتب الورع كما يأتي اجتناب المباحات حذرا عن الوقوع في المحرمات مثل ترك تحدث بأحوال الناس تحرجا عن الانتهاء إلى الغيبة فتحمل عليها الحسنة وفوقها مرتبة اجتناب بعض المندوبات لذلك كاجتناب القاضي قبول الهدايا خوفا عن الانجرار إلى الرشوة فتحمل عليها الموثقة وفي الحسنة ارشاد ذلك فإنه (ع) سامح في النهي عن الأعمال المذكورة ابتداء وغلظ بعد ذلك في التوعيد على معاونتهم من غير تصريح بأن تلك الأعمال داخلة في المعاونة والصدق العرفي الذي عول عليه غير متحقق فيها والتعبير بالإعانة في الموثقة تغليظا أعم منه كالتعبير عن بعض المعاصي بالكفر والقدر المتحقق إنما هو الصدق على ما له مدخل في تكثير الشوكة وترغيب المظلوم ونحو ذلك مما يتوليه معلق السوط بين يدي الجاير كما في الحديث النبوي وما يستتبع ذلك غالبا من الضرب والبطش بغير حق مما لا ريب في تحريمه وتحريم فعل المحرم في نفسه سواء كان إعانة أو غيرها لا ينافي تخصيص الإعانة بالذكر إذ قد يجتمع في الفعل الواحد حيثيات متعددة متوافقة أو متخالفة وله بحسب كل حيثية حكم يوافق الآخر أو يغايره والفقيه الباحث عن أحكام أفعال المكلفين يلزمه النظر في تلك الحيثيات والافصاح عن حكم كل منها على حدة كامساك الأجنبية مثلا فإنه معصيته في نفسه لكن إن كان ذلك ليتمكن الزاني من الوقوع عليها كان إعانة على معصية أخرى وتغلظت العقوبة وكذا تحريم إعانة كل إثم غير مناف لتخصيص إعانة الظالمين بالذكر لكونها من الكباير والعقوبة فيها أشد كما أن عد ترك الصلاة من الكباير في الحديث السابق لا ينافي ذكر ترك الفرايض مطلقا منها مع أنهما مشتركان في حيثية الكبر على أن المتبادر من الوصف أن المراد بمعونة الظالمين في الروايات هي الإعانة على الإثم والعدوان المذكورة في الآية الكريمة و اعتبار التقييد في المعان فيه دون المعاون به وهذا من الأمر بين الأمرين ويحتمل تنزيل كلام بعض الجماعة عليه وإلا لزم كون معونة الصادق أسهل أمرا من معونة غيرهم إذ ربما تحرم بما ليس محرما في نفسه فتأمل وأما الاستيناس بالآية فكما ترى والمروي عن أهل البيت صلوات الله عليهم في تفسير الركون أنه المودة والنصيحة والطاعة وفي حديث آخر هو الرجل يجئ إلى السلطان فيحب بقائه إلى أن يدخل يده في كيسه فيعطيه والحقوق التي يحرم حبسها تعم حقوق الله وحقوق الآدميين والمالية والبدنية وما يجوز مطالبته وما لا يجوز ومنها الاقتصاص ومضاجعة الزوجة و وطيها حيث يجبان ولا فرق بين كونها معلومة لذي الحق أو مجهولة فإن علم وأذن في التأخير خرج من الحبس والمراد بالكذب هنا الأخبار بما لا يطابق الاعتقاد ويأتي الكلام فيه وفي تواليه الثلاث في أبوابها والخيانة تشمل الجحود والتعدي والتفريط في الأمانات المالية مالكية كانت أو شرعية ولا تقاص من الأولى بالنص والمحتاط لا يقاص من الثانية أيضا وهي من الثلاث التي لا رخصة فيها لأحد كما تقدم ويندرج تحتها النميمة وافشاء الأسرار لأن المجالس بالأمانة كما يأتي وبه فسر قوله (تع) في امرأة نوح وامرأة لوط فخانتاهما ومن أنواعها الخيانة في الأعراض كما سبقت الإشارة إليه واستحقار أولياء الله إهانة المؤمنين واذلالهم وفي الحديث القدسي بعده طرق صحيحة من أهان لي وليا وفي بعضها من استذل عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة والاستخفاف بالحج تركه أو ترك تعظيمه لأنه من الشعاير المعظمة أو تأخيره أو الغمز بأعماله التي لا تأنس
Shafi 22