ان العناد يطاق غير مضاعف
فإذا تضاعف كان غير مطاق
فحصل فى خاطره من هذه النكايات ما حصل ورأى أن الحال آل الى ما آل، ووصل إلى ما وصل، فبلغ به الغيظ الغاية القصوى وهو مع ذلك لا يظهر ما آمره منه بالنجوى . واتفق أن جماعة من الأمراء والماليك السلطانية المقيمين بالديار المصرية لمسارأو اما عومل به السلطان من الإجحاف وعدم الإنصاف تحدثوا بذلك فيما بيهم وكرهوه ، فظهر عهم، فأراد القوم الايقاع بهم . فجمعوا أمرهم على الذهاب إلى السلطان وركبوا جيادهم وتركوا عيالهم وأولادهم وساروا على حمية . وظهر أمرهم. فجرد جماعة من الأمراء والجندفى أثرهم، فساروا خلفهم إلى غزة، فلم يدركوا منهم أحدا . ووصل المذكورون إلى الكرك فى العشر الآخر من جمادى الآخرة، فقبلهم ووههم ووصلهم، وكانوا ماثة ونيفا وثلاثين نفسا مهم من أمراء الطبلخانات اتغاى قفجاق ومغلطاى القازانى . ولما لم يتهيأ للمجردين لحاقهم، أقاموا بفزة يويمات ورجعوا واستشاط الركن الجاشنكير على بقية الماليك 5 السلطانية ممن يتعلق بأولئك من الخشداشية وقبض على جماعة (منهم تناهز الثلاث مائة ، فأشرت بأن لا يعرض لهم بأذية وأن يتلافوا المحردين إلى البلاد الكركية بأن يعينوا لهم إقطاعات وجهات من تلك الأعمال والمعاملات يرتفقون ال و يخف مؤنتهم عن السلطان بسبها . فلم يرجعوا إلى هذه الإشارة ولا عبرت بأسماعهم هذه العبارة وظنوا النصيحة غشا وبادروا بالإيقاع بهم طيشا وبطشا، فأضرمت هذه الأسباب نيران الحرج وألجأت السلطان إلى أن نحرك وخرج، ولسان الحال مخاطبهم قائلا:
أخرجتموه بكره عن سجيته
والنار قد تقتضى من ناضر السلم
أوطاتموه على جمر العقوق ولولم
يجرح الليث لم يخرج من الأجم
وجاء الخبر بخروجه ، فازدادوا قلقا وتنمرأ وحنقا وتأثرا . فقلت لهم ان كان قصد السلطان العود إلى مستقره والاستقلال بأمره، فالبيت بيته ال وبيت أبيه، والمحل محله دون من يليه. فكاتبوه بالطاعة وسكنوا خاطره بالاستكانة والضراعة فكنت فى هذا الخطاب كمن ينادى الصخور الصلاب
Shafi 194