فنفاة الأحوال أخطئوا من حيث ردّوها إلى العبارات المجردة، وأصابوا حيث قالوا: ما ثبت وجوده معينا لا عموم فيه، ولا اعتبار. ومثبتو الأحوال أخطئوا من ردوها إلى صفات في الأعيان وأصابوا حيث قالوا: هي معان معقولة وراء العبارات، فكان من حقهم أن يقولوا: هي موجودة متصورة في الأذهان، معدومة في الأعيان، بدل قولهم لا موجودة ولا معدومة.
وهذه المعاني مما لا ينكرها عاقل من نفسه، غير أن بعضهم يعبر عنها بالتصور في الأذهان، وبعضهم يعبر عنها بالتقدير في العقل، وبعضهم يعبر عنها بالحقائق والمعاني التي هي مدلولات العبارات وإلا الألفاظ، وبعضهم يعبر عنها بصفات الأجناس والأنواع والمعاني إذا لاحت للعقول، واتضحت فيعبر المعبر عنها بما تيسر له.
والحقائق والمعاني إذًا ذات اعتبارات ثلاثة:
فاعتبارها في ذواتها وأنفسها، واعتبارها بالنسبة إلى الأعيان، واعتبارها بالنسبة إلى الأذهان.
وهي من حيث هي موجودة في الأعيان يعرض لها أن تتعين. من حيث هي متصورة في الأذهان يعرض لها أن تعم وتشمل. وهي باعتبارها في ذواتها وأنفسها حقائق محضة لا عموم فيها ولا خصوص.
ومن عرف هذه الاعتبارات الثلاثة زال إشكاله في مسألة الحال، وتبين الحق. هذا كلام المصنف بين الفريقين.
هذا
1 / 66