وكانت علاقتي بمؤلفات هذا العالم الجليل عندما كنت في سنوات الدراسة، حيث قرأت العقيدة الواسطية، فالحموية، فالتدمرية، وكنت أعجب من مناقشة هذا العالم لخصومه، ومدى قدرته على استنباط الأدلة العقلية الموافقة للأدلة النقلية، وصبر هذا الإمام عليهم ومجادلتهم مجادلة موضوعية عجيبة، فكنت في شغف للاطلاع الحر على مؤلفات هذا الإمام.
وفي مرحلة الدراسات العليا -الماجستير- سجلت موضوعًا باسم "الإيمان- حقيقته وآثاره"، وفي هذه المرحلة يصبح الإنسان مدفوعًا إلى ضرورة القراءة الواسعة، والمراجعات الدقيقة، فاعتمدت في هذا البحث -بالدرجة الأولى- على كتاب "الإيمان" لابن تيمية، وعندئذ زادت علاقتي بمؤلفات هذا الإمام الكبير، واطلعت على قدر لا بأس به من مؤلفاته ﵀ وكان ممَّا وقع في يدي كتابه "التسعينية" فما انتهيت من بحثي السابق إلّا وسارعت وبدون تردد إلى تسجيل هذا الكتاب للحصول -بتحقيقه ودراسته- على درجة الدكتوراه، للأسباب التالية:
١ - ما تقدمت الإشارة إليه من رغبتي الأكيدة في الاطلاع على مؤلفات هذا الإمام وقراءتها قراءة متأنية، وهذا ما تم بفضل الله تعالى -حيث دعاني البحث في هذا الكتاب إلى الاطلاع على بعض كتب الشَّيخ ﵀ مثل: "درء تعارض العقل والنقل"، و"منهاج السنة النبوية"، و"بيان تلبيس الجهمية"، وغيرها كثير، كـ "مجموع الفتاوى"، و"بعض رسائله ﵀" والتي سأفيد منها -إن شاء الله- في تعليقاتي على بعض مسائل الكتاب.
٢ - أن هذا الكتاب من الكتب التي ألفها ﵀ في الأصول للرد على القائلين بالكلام النفسي، وهم: الأشاعرة، والكلابية، ومن سلك سبيلهم، فقد بحث الشَّيخ هذه المسألة بإفاضة وتحليل، واحتج لها ببراهين ومقدمات وأمور لم يسبق إليها، من غير محاباة ولا مداهنة، فهو بحق يعد من أهم المصادر في العقيدة التي تحتاج إلى خدمة علمية تعين القارئ على قراءته، وفهم مسائله ودقائقه.
والكتاب لم يقم أحد بتحقيقه علميًّا -رغم أهميته- لذا رأيت أن تحقيقي
1 / 6