المقدمة
الحمد لله ربّ العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، القائل سبحانه ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ (١)، والقائل جلّ ذكره: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ﴾ (٢).
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ تسليمًا كثيرًا بعثه الله بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على العباد أجمعين. فأدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة وبين لها جميع ما تحتاج إليه في أصول دينها وفروعه، حتَّى تركها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، وعلي هذا المنهج سار أصحابه الكرام، ومن تلاهم من القرون المفضلة، حتَّى ظهرت البدع، واستبدت ظلماتها وذاق الأئمة -الذين وهبهم الله الإيمان والعمل- في سبيل إخمادها أنواع العذاب (٣).
ومن أبرز هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ رحمة واسعة- الذي قدم المؤلفات الكثيرة في بيان السنة وتوطيد العقيدة وهدم البدع ومما ألفه في هذا الباب (التسعينية) في الرد على الأشاعرة والكلابية القائلين بالكلام النفسي، وغيرهم.
_________
(١) سورة البقرة الآية ١٧٦.
(٢) سورة البقرة الآية ٢١٣.
(٣) سوف نتكلم عن الإمام أحمد ﵀ ومحنته في الصفحات القادمة بإذن الله.
1 / 5