فقال: ومن الحاكم فيّ؟
قيل له: القاضي المالكي.
قال: كيف يحكم فيّ وهو خصمي؟ وغضب غضبًا شديدًا، وانزعج.
فأقيم مرسّمًا عليه، وحبس في برج أيامًا.
ثم نقل منه ليلة عيد الفطر إلى السجن المعروف بـ "الجب" بقلعة الجبل، هو وأخواه شرف الدين عبد الله، وزين الدين عبد الرحمن (١).
وبعد أكثر من سنة (٢)، أحضر نائب السلطنة سيف الدين سلار القضاة الثلاثة: الشَّافعي، والمالكي، والحنفي، ومن الفقهاء الباجي، والجزري، والنمراوي، وتكلم في إخراج الشَّيخ من الحبس.
فاتفقوا على أن يشترط عليه أمور، ويلزم بالرجوع عن بعض العقيدة فأرسلوا إليه من يحضره ليتكلموا معه في ذلك، فلم يجب إلى الحضور، وتكرر الرسول إليه في ذلك مرارًا، وصمم على عدم الحضور (٣)، فطال عليهم المجلس، وانصرفوا عن غير شيء.
وفي شهر ذي الحجة (٤) من هذه السنة طلب أخوا الشَّيخ: شرف الدين، وزين الدين، من الحبس إلى مجلس نائب السلطان سلار، وحضر ابن مخلوف المالكي، وطال بينهم كلام كثير، فظهر شرف الدين بالحجة على ابن مخلوف بالنقل والدليل والمعرفة، وخطّأه في مواضع ادعى فيها دعاوى باطلة، وكان الكلام في مسألة العرش، ومسألة الكلام، ومسألة النزول.
وفي ثاني يوم (٥) أحضر الشَّيخ شرف الدين وحده إلى مجلس نائب
_________
(١) انظر: العقود الدرية -لابن عبد الهادي- ص: ١٩٦، ١٩٧ (بتصرف).
(٢) في ليلة عيد الفطر من سنة ست وسبعمائة من الهجرة.
(٣) لعل امتناع الشَّيخ ﵀ عن الحضور وتصميمه على ذلك، أنَّه رأى أنهم ليسوا طلاب حجة وبحث عن الحقيقة، وإنَّما يريدون أن يفرضوا عليه رأيهم من غير مناقشة ويلزموه باعتناق عقيدتهم المخالفة للمنهج الحق.
(٤) يوم الخميس السابع والعشرين منه.
(٥) يوم الجمعة الثامن والعشرين.
1 / 46