فقال: "أنا كنت قد سئلت عن معتقد أهل السنة، فأجبت عنه في جزء من سنين" (١). وطلبه من داره، فأحضر وقرأه.
فنازعوه في موضعين، أو ثلاثة منه، وطال المجلس، فقاموا، واجتمعوا مرتين -أيضًا- لتتمة الجزء، وحاققوه (٢).
ثم رفع الاتفاق على أن هذا معتقد سلفي جيد، وبعضهم قال ذلك كرهًا، وكان المصريون (٣) قد سعوا في أمر الشَّيخ، وملؤوا ركن الدين الجاشنكيز (٤) -الذي تسلطن بمصر- فطلب إلى مصر على البريد.
وفي ثاني يوم من دخوله اجتمع القضاة والفقهاء بقلعة مصر، وانتصب له خصمًا شمس الدين بن عدلان، وادعى عليه عند ابن مخلوف القاضي المالكي أنَّه يقول: إن الله تكلم بالقرآن بحرف وصوت، وأنه تعالى على العرش بذاته، وأن الله يشار إليه بالإشارة الحسية (٥).
وقال: أطلب عقوبته على ذلك.
فقال القاضي: ما تقول يا فقيه؟
فحمد الله وأثنى عليه.
فقيل له: أسرع، ما أحضرناك لتخطب.
فقال: أومنع الثّناء على الله؟
فقال القاضي: أجب، فقد حمدت الله.
_________
(١) يشير ﵀ إلى العقيدة الواسطية التي ألفها قبل سبع سنين من هذه الحادثة وقبل مجيء التتار إلى الشام.
(٢) انظر ما حصل للشيخ في هذه الاجتماعات في:
العقود الدرية -لابن عبد الهادي- ص: ٢٠٦ - ٢٤٨.
والبداية والنهاية -لابن كثير- ١٤/ ٣٢، ٣٣.
(٣) كالشيخ نصر المنبجي، والقاضي ابن مخلوف، وغيرهما.
(٤) حيث أوهمه نصر المنبجي أن ابن تيمية سوف يخرجهم من الملك، ويقيم غيرهم، وأنه مبتدع.
انظر: الكواكب الدرية -للإمام مرعي الحنبلي- ص: ١٢٨.
(٥) هذه المسائل هي التي دفعت الشَّيخ ﵀ إلى تفصيل القول فيها في كتابه "التسعينية".
1 / 45