يُهَنِّؤُونَهُ بِمَا فتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ ﵁: يَا رَسُولَ اللَّهِ الحَمْدُ للَّهِ الذِي أَظْفَرَكَ وَأَقَرَّ عَيْنَكَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ تَخَلُّفِي عَنْ بَدْرٍ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّكَ تَلْقَى عَدُوًّا، وَلَكِنْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا عِيرٌ، وَلَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ عَدُوٌّ مَا تَخَلَّفْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "صَدَقْتَ" (١).
ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ مُؤَيَّدًا مُظَفَّرًا، قَدْ خَافه كُلُّ عَدُوٍّ لَهُ دَاخِلَ وَخَارجَ المَدِينَةِ، فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَحِينَئِذٍ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ، وَأَصْحَاُبهُ فِي الإِسْلَامِ نِفَاقًا.
* قَضِيَّةُ الأَسْرَى:
أَمَّا الْأَسْرَى، فَقَدْ فَرَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: "اسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا" (٢).
فَكَانَ الصَّحَابَةُ ﵃، يُطْعِمُونَ أَسْرَاهُمُ الخُبْزَ.
قَالَ أَبُو عَزِيزٍ أَخُو مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ -وَكَانَ أَسِيرًا-: كُنْتُ فِي رَهَطٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا غَدَاءَهُمْ أَوْ عَشَاءَهُمْ خَصُّونِي بِالخُبْزِ، وَأَكَلُوا التَّمْرَ، لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِيَّاهُمْ بِنَا، حَتَّى مَا تَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةُ
(١) انظر البداية والنهاية (٣/ ٣٢٣) - دلائل النبوة للبيهقي (٣/ ١٣٣).
(٢) أخرج ذلك الطبراني في الصغير والكبير كما في المجمع (٦/ ٨٦) وقال الهيثمي: إسناده حسن.