الثبوت، سواء كان حديثًا موضوعًا أو ضعيف السند أو ضعيف المتن، أو حديثًا صحيح السند مع علة فيه ومضطرب المتن، وكثرة الروايات فيها كانت بسبب تأخر تدوين علم التفسير للنصف الثاني من القرن الثالث الهجري، هذا وإن كان التأخير مُبرَّرًا بل هو الحق الأبلج، وسببه ظاهر بتاريخ ما وصلنا من كتب عنيت بالتفسير، وما جاءنا من أحاديث تدل عليه، وما نقله العلماء المحققون مثل الخطيب البغدادي عندما أورد قول الإمام أحمد: "ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير." (١) وبيّن أن هذا القول كان لانعدام الكتب الأصيلة المختصة بالتفسير والسير والملاحم في زمان الإمام أحمد (توفي ٢٤١هـ) ولم يكن من التفاسير إلا لمن لا يوثق به كالكلبي ومقاتل- وكلاهما كذاب - فكان لهذا التأخير أسباب كما كانت له نتائج أما الأسباب فمنها:
الأول: أنّ التفسير والمغازي والسير "الغالب عليها المراسيل" (٢)، وهي من كلام الصحابة، وقد تأخر تدوينها عن تدوين أحاديث الأحكام من أقوال الرسول ﷺ وأقوال الصحابة لأن تدوين تلك الأحاديث كان أولى، كما أن تدوين القرآن كان أولى في القرن الأول، فبدأ التدوين لآثار التفسير والسير في النصف الثاني من القرن الثالث، وقيض الله لهذه العلوم من قام بها حق القيام من أمثال ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر (٣)، فجاءت تفاسيرهم غنية بالأسانيد، كما هو الحال في كتب الحديث عامة، ولكنها لم تلق العناية كما في كتب الحديث، لاشتغال علماء