The Commentary on the Perfect Rules
التعليق على القواعد المثلى
Mai Buga Littafi
دار التدمرية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Nau'ikan
إذن؛ فالقرآن كله يمكن فهمه، وأعظم ذلك وَأَوَّلُهُ وَأَوْلَاه نصوص الصفات، فهي أشرف كلام الله، وأشرف آي القرآن، لأن أشرف العلوم الشرعية هي العلم بالله بأسمائه وصفاته، وأما الوجه الثاني الذي لا نعلمه فاستدل له بقوله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله " [آل عمران: ٧]، والتأويل في هذه الآية ولاسيما على قراءة الجمهور - وهي: الوقف على لفظ الجلالة - هو الحقيقة التي يؤول إليها الشيء، فلا يعلم تأويل ما تشابه من القرآن، يعني لا يعلم حقيقته وما يؤول إليه إلا الله، فلا يعلم كنه ذات الرب وصفاته ولا كنه ما أخبر به عن اليوم الآخر إلا الله، حتى إنه سبحانه في الحديث القدسي قال: " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَرَ على قلبِ بشر " (١).
وفي آيات الأمر بالتدبر وذم المعرضين عن تدبر القرآن: الرد على أهل التفويض، وهذا هو المقصود من تقرير هذه القاعدة، وأهل التفويض هم الذين يقولون: إن نصوص الصفات لا يعلم أحد معناها ولا الرسول ﷺ، فلا يعلم معناها إلا الله؛ ولهذا سماهم الشيخ في الحموية أهل التجهيل (٢)، لأنهم بزعمهم هذا يجهلون الرسول ﷺ والصحابة بمعان كلام الله؛ بل على قولهم: إن الرسول ﷺ يتكلم بما لا يعلم معناه من حديثه، فأحاديث الصفات - أيضًا - لا يعلم معناها إلا الله، فقولهم يتضمن أن الرسول ﷺ يتكلم بما لا يعلم ويعقل معناه، وكفى بهذا فسادًا، وكفى بهذا طعنا في كلام الله، وفي حكمة الله وفي كلام الرسول وقدره ﷺ، سبحان الله ما أقبح هذا الكلام وهذا المذهب، مع أن كلمة
(١) أخرجه البخاري (٣٢٤٤) وفي مواضع أخر، ومسلم (٢٨٢٤) عن أبي هريرة ﵁.
(٢) الحموية (ص ١٩٥ - ٢٠٧).
1 / 108