163

Juyin Wakan Zamani daga Baudelaire Zuwa Zamani na Yanzu (Sashe na Farko): Nazarin

ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة

Nau'ikan

18

الذي ولد في بلادنا سنة 1888م، وعاش فترة من حياته في الإسكندرية.

تأثر أنجارتي بمالارميه وأبوللينير وفاليري وسان-جون بيرس الذي ترجمه إلى الإيطالية، كما تأثر كذلك بالشاعر الإسباني القديم جونجورا. ويتميز شعره منذ العشرينيات - كما سيلاحظ القارئ بنفسه من النصوص الواردة في هذا الكتاب - بالتركيز الشديد. فالكلمة كما يقول بنفسه وكما كانت عند مالارميه، هي شق أو صدع قصير للصمت. إنها شذرة مبتورة، تقف وحيدة مرتعشة بين عالم الأسرار الذي لا تكاد تلامسه، وبين الصمت والسكون اللذين لا يلبثان أن يطبقا عليها. وكل قصائد أنجارتي تتفق في هذا الطابع الذي يميزها ويجعل منها شذرات ناقصة، ويتضح هذا بوجه خاص في قصائده المركزة القصيرة التي يعد أستاذا فيها مثل لوركا. وقد يبلغ من قصرها في بعض الأحيان أن تتألف من كلمتين اثنتين، كما في قصيدته المشهورة التي يصعب ترجمتها وتقول:

m’illumino d’immenso (أي أستضيء باللانهاية أو يغمرني نور الكون الهائل).

ولا يصح أن نحاول فهم قصائد أنجارتي من ناحية المضمون، فكثيرا ما يصيبنا الذهول لتفاهة مضمونها أو لأنها لا تتضمن أي شيء أو لأننا لا نستطيع في بعض الأحيان أن نفهمها على الإطلاق! والواجب أن ننظر إلى كلماتها كصيغ صوتية أو أشكال نغمية تبعث صدى ساحرا. ومن المؤسف أن ترجمتنا أو أية ترجمة أخرى إلى أية لغة ستخيب أمل القارئ وتضيع عليه متعة هذه الأنغام والأصداء. وإذا كانت الترجمة خيانة والمترجم خائنا كما يقول الإيطاليون أنفسهم، فلعل الترجمة هي الخيانة الوحيدة المسموح بها للتقريب بين الشعوب والحضارات!

ولنتأمل الآن إحدى قصائد أنجارتي الحرة لنرى كيف يبدو هذا الغموض الذي اشتهر به شعره.

إنها قصيدة «الجزيرة» (وقد ظهرت في سنة 1933م في ديوانه عاطفة الزمن)، ولنقرأ القصيدة أولا قبل التعليق عليها:

هبط إلى شاطئ، كان يسوده المساء الأبدي

من غابات متفكرة سحيقة القدم

وتوغل بعيدا،

Shafi da ba'a sani ba