، أي بيانا للجواز ولأنه شرط في التيمم الحدث كما قال: { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط } إلخ. وهو بدل من الوضوء وقوله فلم تجدوا ماء صريح فى البدلية والاغتسال، ولمبدل منه حكم البدل فبطل قول الظاهرية أنه ينتقض بدخول وقت الصلاة بعد الأول، وأن لكل صلاة طهارة، ويرده صلاته صلى الله عليه وسلم الخمس بوضوء واحد وصلاة الأئمة كل صلاة بوضوء بعده صلى الله عليه وسلم ندب، ولن يثبت الخبر عن الإمام على أنه يفعل ذلك ولا يثبت ما قيل أن الآية على ظاهرها من أن لكل صلاة طهارة، ثم نسخ هذا التجدد لأن سورة المائدة من آخر ما نزل فلم ينزل بعدها ناسخ من قرآن ولا جاءت سنة متواترة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
" المائدة من آخر ما نزل فأحلوا حلالها وحرموا حرامها "
، وروى أبو داود وابن حبان والطبرى وغيرهم عن عبدالله بن حنظلة الغسيل
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، ولما شق ذلك عليه صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث "
، نعم الحديث هذا أقوى من حديث المائدة آخر ما نزل، بل قال العراقى حديث المائدة آخر ما نزل لم أجده مرفوعا والمراد فى حديث ابن حنظلة النبى صلى الله عليه وسلم وأمته ولو ذكر وحده فلا يضعف بذكره وحده، والحق أن الأمر المجرد للوجوب فلا تقبل دعوى أن الآية ندب إلى التطهر لكل صلاة ولا يخفى ضعف إخراجها على إثبات الغرض، وبيانه إلى الدعاء إلى النفل مع أنه لم يثبت فى آية أخرى تفصيل أعضاء الوضوء مثل هذه وعن زيد بن أسلم أن المراد إذا قمتم من المضاجع { فاغسلوا وجوهكم } من الأذن للأذن عرضا مع ما يليهما ومن أعلى الجبهة مع قليل من الرأس ليوقن بالتعميم إلى أسفل الذقن أو أسفل شعره إن كان بإيصال للجلد وإن كثف الشعر كفى ظاهره وما ظهر من الشفتين عند الانضمام يغسل مع الوجه.
والغسل إفراغ الماء مع الدلك عندنا وعند مالك وذلك حقيقته فالدلك شطر فليس كما قيل الإفراغ فرض والدلك إكمال له وأنه إذا تحقق التعميم لم يجب الدلك ولم يشترط الشافعية والحنابلة الدلك زعما أنه شرط للعموم لا شطر فإن حصل العموم لم يحتج إليه، والقطر شرط عند بعض وتكفى قطرة وغير شرط عند بعض كأبى يوسف، وجاء الحديث باشراب العينين الماء لئلا تريا نارا حامية لآغسلهما لأنه ضرر وثلآث مسحات غسلة واحدة كل بماء جديد. { وأيديكم إلى المرافق } بايصال الماء إلى ما بين الأصابع مع الدلك بحك بعض ببعض أو بإدخال الأصابع وإن وصل الماء بينها بدون ذلك وعم كفى لقلة ما بينهن، ودخلت المرافق فى الغسل ولم يدخلها داود وزفر والجمهور على الأول، وقيل إلى بمعنى مع كقوله تعالى
ويزدكم قوة إلى قوتكم
[هود: 52]، أو نقدر حالا أى وأيديكم مضافة إلى المرافق بالغسل فلذكر المرافق فائدة الحد إذ لو لم تذكر لاحتمل اللفظ العموم إلى الإبط واحتمل الكف، واحتملها والذراع ولما لم تتميز المرافق حكمنا بدخولها وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أدار الماء على مرفقيه، ويغسل الكفان مع الذراع ويجب نزع الخاتم أو تحريكه على الصحيح، والمرفق موضع الارتفاق أى الانتفاع بالاتكاء وهو بكسر ففتح على الراجح وجاز بفتح وقسمة الآحاد على الآحاد على التسوية هنا فكل أحد يغسل يديه معا وقد يكون لأحد يد واحدة يصب عليها بأخرى غير قادرة إلا على إمساك الإناء والصب، أو يد واحدة لا أخرى معها فيغسلها بالغمس فى الماء والشد فيكون القسمة بلا تسوية كقوله تعالى: { جاءتهم رسلهم بالبينات } ، فقد يتعدد لرسول ما لم يتعدد لغيره من الرسل. { وامسحوا برؤوسكم } تلصقوا بها فقلنا يكفى ثلاث شعرات تعزل فيجر عليهن بثلاث أصابع، والشافعى بعض شعرة وهو أدنى ما يطلق عليه المسح ويتحقق، وذلك فى الكلام على الإجزاء فإن أصحابنا والشافعى لا يقتصرون على الثلاث ولا على بعض الواحدة وأبو حنيفة الربع لمسحه صلى الله عليه وسلم من مقدم رأسه نحوه ومالك وأحمد الكل حوطة لعل مسح الربع فقط لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وكما يغسل الوجه كله، نعم روى المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته ومقدار الناصية ربع الرأس من مقدمة، وفى رواية عنه على ناصيته وهى لا توجب استيعابه الناصية بخلاف رواية الباء فإنه يتبادر منها الاستيعاب، وروى أبو داود عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم مسح مقدم رأسه والباء صلة أو تبعيض وكونها صلة يوجب الكل أو يتبادر به ويجب الأخذ بالمتبادر إن لم يعارض مانع، وقد وجب غسل الوجه كله لعدم الباء ولكن لا دليل على دعوى الزيادة، ويجزىء المسح بثلاث أصابع أو قدرها من اليد مع استيعاب القدر الواجب من الرأس وأجيز بأصبعين وبأصبع وبنحو عود.
{ وأرجلكم } عطف على وجوه أو أيدى فهى مغسولة كما جاءت به السنة وعمل الصحابة وهو قول الجمهور وكما جاء الحد بقوله عز وجل { إلى الكعبين } ولم يجىء فى المسح الحد وساغ الفصل بين المتعاطفين بجملة غير معترضة وهى فاغسلوا للايماء إلى تقليل صب الماء حتى كأنها تمسح كالرأس لأنها مظنة الإسراف فى الماء إلى الآن وإلى الترتيب وجوبا أو ندبا ولو كانت الواو لا تفيده لكن يستفاد بذكرها بعد، والترتيب يفاد بالذكر إذا لم يكن مانع كما يفاد بحرفة كالفاء، قال صلى الله عيه وسلم فى السعى:
" نبدأ بما بدأ الله به "
Shafi da ba'a sani ba