ولو قصد الترتيب لم يفصل بالرأس وليس واجبا عندنا وعند أبى حنيفة ولا دليل على كون الباء صلة فتعطف على محل الرءوس فتنصب، ولا على كون العطف على محل مدخول باء التبعيض لأنه لا يظهر ذلك المحل فى الفصيح فلا يعطف عليه فى الصحيح، ثم إنها إن كانت تمسح فقد نسخ مسحها بالحديث. قال عطاء: والله ما علمت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على القدمين. وعن عائشة - رضى الله عنها -: لأن تقطعا أحب إلى من أن تمسحا. { وإن كنتم جنبا فاطهروا } فاغتسلوا، وأما الحيض ويلحق به النفاس ففى قوله فإذا تطهرن وأجاز بعضهم إدخالهما هنا بما فيها من المباعدة الموجودة فى مادة (ج. ن. ب) إلا أنه خارج عن العرف وهو أن الجنابة المعنى القائم بالذات لغيوب الحشفة أو قدرها من مقطوعها أو لنزول النطفة بوجه ما، ودخل فى الغسل الفم والأنف لأنها من الظاهر بدليل غسلهما فى الوضوء، وجاء الحديث بغسلهما للجنابة بعد الكفين وقبل الرأس ولا غسل لداخل العينين للمضرة إلا إشراب الماء لهما لمن قدر، وأصل اطهروا تطهروا أبدلت التاء وادغمت فى الطاء فجئ بهمزة الوصل لسكون الأول ولا يكفى أن يوضئ أحد أحدا لأنه غير معقول المعنى، وكذا غسل الجنابة والحيض والنفاس، ومن قال غسل الجنابة والحض والنفاس معقول المعنى أجاز أن يغسل أحد غيره إن حل له مس عورته وإلا كفى وكفر بالمس، وكذا يكفى الغسل بماء حرام على أنه معقول المعنى وغرم.
{ وإن كنتم مرضى } وجد الماء أو لم يوجد مرضا يضره الماء بزيادة أو بتأخير البرء، وبالأولى إن كان يحدث { أو على سفر } ثابتين على سفر قادرين على استعمال الماء وكذا فى قوله { أو جاء أحد منكم من الغائط } الموضع المنخفض المطمئن الذى كان فيه لبول أو أو فضله طعام والمراد بالذات خروج ذلك منه مطلقا { أو لامستم } جامعتم { النساء } قادرين على استعماله { فلم تجدوا ماء } شامل لما إذا فقد أو حضر وحيل دونه بعدم آلة أو بعدو أو سبع ولا بد من طلبه أن ترجح أو شك فيه { فتيمموا } أى اقصدوا { صعيدا } ترابا { طيبا } طاهرا منبتا غير مغصوب ولا حصل بوجه حرام، ولم يشترط قوم الإنبات، وبينت السنة ما نفعل من الضربتين والنية بينتها فى الوضوء والاغتسال وكما بينت أن الفم والأنف من ظاهر وأمر بغسلهما فى الاغتسال كما يدل له غسلهما فى الوضوء وكما بين ما يمسح بقوله { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } أكفكم كما هو المتبادر عند الاطلاق كما فى القطع، والقائل إلى المرفق يقول الإضافة للعهد الذكرى { منه } يتبادر اللصوق فلا يتيمم بالحجر والحصى وكرر ذلك ليتصل الكلام فى بيان أنواع الطهارة. قيل: ولئلا يتوهم النسخ على أن المائدة آخر ما نزل، ومن للآبتداء قيل أو للتبعيض { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } للام للتعليل ومفعول يريد محذوف أى ما يريد الله الأمر بالطهارة بالماء أو بالتراب ليجعل عليكم ضيقا { ولكن يريد } الأمر بها { ليطهركم } من الأحداث الموجبة لها كالنجس والغيبة ففى محل النجس بعد غسله خبث حكمى، ومن الذنوب فإن الوضوء تكفير لها كما جاء أن من الوضوء إلى الوضوء كفارة، وإن ذنوب أعضاء الوضوء تخرج منها مع الماء، أو ليطهركم بالتراب إذا لم تجدوا ماء أو لم تطيقوا استعماله وقيل المراد تطهير القلب عن دنس التمرد وليست اللام زائدة ومصدر مدخولها مفعول يريد لأن اللام الزائدة لا تضمر أن بعدها وأجازه المبرد والرضى وابن هشام، وعن المبرد إرادتى لكذا أو أردت كذا واللام زائدة. { وليتم نعمته عليكم } فى الدين بشرع ما يطهر أبدانكم ويكفر ذنوبكم أو برخصة التيمم { ولعلكم تشكرون } نعمه، وفى الآية طهارتان أصل وهو ما بالماء وبدل وهو ما بالصعيد والأصل مستوعب وهو الغسل لأنه يعم البدن كله وغير مستوعب وهو الوضوء لأنه فى أعضاء لا فى كل البدن ولو استوعب أعضاء الوضوء، والوضوء غسل ومسح وهو أيضا غير مذكور بآلة الحد كإلى وهو غسل الوجه ومسح الرأس ومحدود بها وهو غسل اليدين والرجلين إذ ذكرت فيهن إلى والطهارة إما بمائع وهو الماء وإما بجامد وهو الصعيد وموجبها حدث أصغر أو أكبر، ومسيغ الصعيد مرض أو فاقد ماء كما فى السفر وإن شئت فقل المسيغ عدم وجود الماء حقيقة أو حكما وذلك بالمرض أو السفر غالبا والموعود به لذلك تطهير الذنوب وإتمام النعمة، وإن شئت فقل الموعود به إما التنظيف وإما تطهير الذنوب فتلك أربعة عشر فكا وسبعة تركيبا لكن بعضها متداخل وبعضها تقسيم الكل إلى أجزائه وبعضها تقسيم الكلى إلى جزئياته، وزاد بعض أن غير المحدود وجه ورأس والمحدود يد ورجل والنهاية كعب ومرفق والشكر قولى وفعلى.
[5.7]
{ واذكروا نعمة الله } إنعامه { عليكم } بالإسلام والأمن وفتح البلاد أو نعمته النازلة عليكم وهى ما ذكر وعظم النعمة يوجب الاشتغال بخدمة المنعم والانقياد لأوامره ونواهيه. { وميثاقه الذى واثقكم به } أى عاقدكم عليه معاقدة شديدة كما تدل له المفاعلة، وفى الآية من واثق الرسول فقد واثق الله لأنه الآمر بذلك
إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله
[الفتح: 10] { إذ قلتم سمعنا } ما تقول بآذاننا وحفظنا { وأطعنا } أذعنا لقولك فى أمرك ونهيك حال العسر واليسر فى المكره والمنشط حين بايعهم فى المدينة
إن الذين يبايعونك
[الفتح: 10] الآية، وليلة العقبة الثانية إذ بايع الأنصار قبل الهجرة سنة ثلاث عشرة من النبوة على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره، كما فى البخارى ومسلم، وفى الحديبية وفيها بيعة الرضوان وشهر أنه نزل فيها
لقد رضى الله عن المؤمنين
[الفتح: 18] وأول من بايعه فى العقبة البراء بن معرور رضى الله عنه وهم سبعون، وبايعه أقل من ذلك فى موسم قبل ذلك وفى الموسم قبله وقالوا: نمنعك مما نمنع به نفوسنا وأولادنا ونساءنا. ومات البراء هذا قبل هجرته صلى الله عليه وسلم، وقيل: المراد الميثاق الواقع فى العقبة الأولى سنة إحدى عشرة من النبوة ولما أراد الخروج لبدر خاف أن يكونوا لا يرون الخروج إلى الحرب بل يمنعونه من المضار فى المدينة فقط فعرض لهم بالخروج ولم يصرح ففطنوا فقالوا: اخرج حيث شئت فإنا معك مقاتلون، وقيل: قال له البراء هذا فى البيعة فلعله صلى الله عليه وسلم خاف أن ينسوا قول البراء أو لم يرضوا به أو بدا لهم فعرض، وعن مجاهد: المراد الميثاق الذى واثق به بنى آدم حين أخرجهم من صلبه كالذر، وهو بعيد. { واتقوا الله } أن تنسوا نعمه، وفى كل ما تأتون وما تذرون، ومنه أن تنقضوا ذلك الميثاق أو ميثاق يوم
Shafi da ba'a sani ba