الْمُكَلف (فِي الْقَبْر) أَي أوّل مَا يُحَاسب فِيهِ على ترك التَّنَزُّه مِنْهُ فأمّا أَن يُعَاتب وَلَا يُعَاقب أَو يناقش فيعذب (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(اتَّقوا الْحجر) بِالتَّحْرِيكِ (الْحَرَام) أَي الَّذِي لَا يحل لكم أَخذه واستعماله (فِي الْبُنيان) بِأَن تصونوه عَنهُ وجوبا (فَإِنَّهُ) أَي فإنّ إِدْخَال الْحجر الْحَرَام فِي الْبُنيان (أساس الخراب) أَي قَاعِدَته وَأَصله وَعنهُ ينشأ وَإِلَيْهِ يصير وَالْمرَاد خراب الدّين أَو الدُّنْيَا بقله الْبركَة وشؤم الْبَيْت الْمَبْنِيّ بِهِ (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حَدِيث لَا يَصح
(اتَّقوا الحَدِيث عني) أَي لَا تحدّثوا عني (إِلَّا مَا) وَفِي رِوَايَة بِمَا (علمْتُم) أَي الَّذِي تعلمونه يَعْنِي تستيقنون صِحَة نسبته إليّ (فَمن كذب عليّ مُتَعَمدا) حَال من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي كذب الرَّاجِع إِلَى من (فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار) أَي فليتخذ لَهُ محلا مِنْهَا لينزل فِيهِ فَهُوَ أَمر بِمَعْنى الْخَبَر أَو هُوَ دُعَاء أَي بوّأه الله ذَلِك (وَمن قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ) أَي من شرع فِي التَّفْسِير من غير أَن يكون لَهُ خبْرَة بلغَة الْعَرَب وضروب استعمالاتها وَمَا ذكره السّلف من مَعَانِيه وعلومه (فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار) المعدّة فِي الْآخِرَة لِأَنَّهُ وَإِن طابق الْمَعْنى الْمَقْصُود بِالْآيَةِ فقد أقدم على كَلَام رب الْعَالمين بِغَيْر إِذن (حم ت) فِي التَّفْسِير (عَن ابْن عَبَّاس) رمز لحسنه تبعا لِلتِّرْمِذِي وَفِيه
(اتَّقوا الدُّنْيَا) أَي احْذَرُوا الاغترار بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ فِي وَشك الزَّوَال وعَلى شرف الترحال قَالُوا لَو وصفت الدُّنْيَا بِشَيْء لما عدت قَول أبي نواس
(إِذا امتحن الدُّنْيَا لَبِيب تكشفت ... لَهُ عَن عدوّ فِي ثِيَاب صديق)
(وَاتَّقوا النِّسَاء) أَي احْذَرُوا التطلع إِلَى الأجنبيات والتقرّب مِنْهُنَّ (فإنّ إِبْلِيس طلاع) كشداد مجرّب للأمور ركاب لَهَا يعلوها بقهر وَغَلَبَة (رصاد) بِالتَّشْدِيدِ أَي رِقَاب وثاب كَمَا يرصد القطاع الْقَافِلَة فيثبون عَلَيْهَا (وَمَا هُوَ بِشَيْء من فخوخه) جمع فخ وَهُوَ آلَة الصَّيْد (بأوثق) أَي أحكم (لصيده) أَي مصيده (فِي الأتقياء) جمع تقيّ (من النِّسَاء) فهن أعظم مصايده يزينهنّ فِي قُلُوب الرِّجَال ويغويهم بهنّ فيورطهم فِي الْمَحْذُور كصائد نصب شبكة ليصطاد بهَا وَإِنَّمَا كنّ أعظمها لأنهنّ شقائق الرِّجَال وَمن آدم خلقت حوّاء فَوجدَ الشَّيْطَان من ميل نفس الرجل إِلَيْهَا مساعدة وللنفوس امتزاج ومرابطة تعتضد وتشتدّ وتثور طبيعتها الجامدة وتلتهب نارها الخامدة وأدق من ذَلِك فتْنَة أُخْرَى هِيَ أَن يصير للروح استرواح إِلَى ألطف الْجمال وَيكون ذَلِك الاسترواح مَوْقُوفا على الرّوح وَيصير ذَلِك وليجة فِي حب الرّوح الْمَخْصُوص بالتعلق بالحضرة الإلهية فتبلد الرّوح وينسدّ بَاب المريد من الْفتُوح وَمن هَذَا الْقَبِيل دخلت الْفِتْنَة على جمع من عُظَمَاء الْقَوْم فَقَالُوا بِالْمُشَاهَدَةِ (فر عَن معَاذ) بن جبل بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اتَّقوا الظُّلم) الَّذِي هُوَ مُجَاوزَة الحدّ والتعدّي على الْخلق (فإنّ الظُّلم) فِي الدُّنْيَا (ظلمات) على أَصْحَابه فِي الدُّنْيَا بِمَعْنى أَنه يُورث ظلمَة فِي الْقلب فَيصير صَاحبه فِي ظلمات (يَوْم الْقِيَامَة) فَلَا يَهْتَدِي بِسَبَبِهِ يَوْم يسْعَى نور الْمُؤمنِينَ بَين أَيْديهم فالظلمة حسية وَقيل هِيَ معنوية شبه الضلال بالظلمة كَمَا تشبه الْهِدَايَة بِالنورِ (وَاتَّقوا الشُّح) الَّذِي هُوَ بخل مَعَ حرص (فإنّ الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ) من الْأُمَم (وَحَملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ) أَي اسألوها بِالْقُوَّةِ الغضبية حرصا على الاستئثار بِالْمَالِ (وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ) أَي استباحوا نِسَاءَهُمْ أَو مَا حرّم الله من أَمْوَالهم وَغَيرهَا وَالْخطاب للْمُؤْمِنين ردعا لَهُم من الْوُقُوع فِيمَا يؤدّيهم إِلَى دركات الهالكين من الْكَافرين
1 / 29