الوجه الأول: ما نصَّ اللهُ ﷻ عليه، وأَحْكَمَ فَرْضَهُ، وَبَيَّنهُ بأوضَحِ بَيانٍ، ثُمَّ بَيَّنه النبيُّ ﵌ إِمَّا بقَوْلٍ، أَو فِعْلٍ، كَما بَيَّنه اللهُ ﷻ.
الوجه الثاني: ما نصَّ اللهُ تَعالى عليهِ جُمْلَةً، وأَحْكَمَ فَرْضَهُ، وجعلَ إلى نبيِّه ﵌ بيانَ تِلْكَ الجُمْلَةِ، فبيَّنَ مَواقيتَها وأَحْوالَها، وفَرائِضَها، وآدابَها، ومقدَّماتِها، ولَواحِقَها، وبيَّنَ على مَنْ تَجبُ، وعَمَّن تَسْقُطُ، وكيفَ يأتي بها العبدُ، وغيرَ ذلكَ مِنَ الأحوال.
الوجه الثالث: ما سَنَّ رسولُ اللهِ مِمَّا لمْ يردْ فيه كتابٌ، وهذا هو المختلَفُ فيه، فمنهُمْ من قال: جعلَ اللهُ لهُ ذلك؛ لِما خَصَّه منْ وجُوبِ طاعَتِه، وتوفيقِه لِما يرضاه، وعصمَتِه لهُ عن الخَطَأ أَنْ يَسُنَّ فيما لمْ يردْ فيه كتابٌ، وإليهِ ميلُ الإمامِ أبي عبدِ الله الشافعي ﵁ (١) -، ومنهمْ من قالَ: لم يَسُنَّ سُنَّةً قَطُّ (٢) إلا ولَها أصلٌ في كتاب الله تعالى.
* * *
فصل
وَلمّا كانَ خِطابُ اللهِ ﵎ وبيانُ رسولِه ﵌ معَ العربِ بلسانِهمْ وسُنَّتِهم في كَلامِهِمْ، فلا سبيلَ إلى معرفةِ خِطابِ اللهِ ﷻ وبيانِ رسولهِ ﵌ إلا بعدَ معرفةِ لُغَتِهم، وصنوفِ معَانيهم، وأسرارِ مبَانيهم.
فواجبٌ عليكَ أَيُّها الأَخُ تَعَلُّمُ لُغَةِ العَربِ؛ لتعلمَ بها خطابَ الله ﷻ وبيانَ رَسولهِ ﵌.
_________
(١) انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ٩١ - ٩٢).
(٢) "قط" ليس في "ب".
1 / 12