Taysir Bayan
تيسير البيان لأحكام القرآن
Mai Buga Littafi
دار النوادر
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Inda aka buga
سوريا
Nau'ikan
الآيةِ الرَّدُّ على المُشركين، وذلكَ أَنَّهم كانوا يُحِلُّون المَيْتةَ والدَّمَ ولَحْمَ الخِنْزيرِ وما أُهِلَّ بهِ لغيرِ اللهِ، ويتحرَّجونَ عنْ أشياءَ كثيرةٍ منْ مُباحاتِ الشرعِ، ويرونَها حَراما، فقصدَ الرَّدَّ عليهم بالخطابِ المُتَضَمّنِ للنَّفْي والإثباتِ لِيكونَ أَبْلَغَ في الرَّدِّ، فكأنهُ قال: قُلْ لا أجِدُ حَرامًا إلا ما حَلَّلْتُموه، ولا أجِدُ حَلالًا إلَّا ما حَرَّمْتُموه، وأَكَّدَهُ بالنَّفْي والإثباتِ، ولم يَقْصِدْ حقيقةَ النفيِ والإثباتِ مُطْلَقًا، ولو قصدَ ذلكَ، لوجبَ أَنْ يُحِلَّ كُلَّ ذي نابٍ من السِّباع، وكلَّ ذي مِخْلَب من الطَّيْرِ، وغيرَ ذلك من الخبائِثِ، وقَدْ نهى عنهُ ﷺ (١).
ومثلُهُ قولُ اللهِ ﵎: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤].
القَصْدُ من هذهِ الآيةِ الذَّمُّ للكافِرينَ والتهديدُ لهم، لا بيانُ حُكْمِ الإنْفاقِ، فلو تَمَسَّكَ مُتَمَسِّكٌ بوُجوبِ الزكاةِ فيما دون النِّصابِ، واحتجَّ بهذهِ الآيةِ، وقال: هي عامَّةٌ في القليلِ والكثيرِ؛ لأَنَّ لفظَها عامٌّ، لَمْ يَجُزْ؛ لأنَّ ذلكَ لمْ يُقْصَدْ بالآية؛ خِلافًا لبعض أصحابِ الشافعيِّ في هذهِ الآيةِ؛ وفي نظائِرِها من الآياتِ اللاتي يَقْتَضين المَدْحَ والذَّمَّ؛ كقوله تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: ٥].
ومثلُهُ قولُه ﷺ: "فيما سَقَتِ السَّماءُ العُشْرُ" (٢)، القَصْدُ بِه بيانُ مِقدارِ
(١) رواه مسلم (١٩٣٤)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، عن ابن عباس. (٢) رواه البخاري (١٤١٢)، كتاب: الزكاة، باب: العشر فيما يُسقى من ماء السماء، وبالماء الجاري، من حديث ابن عمر بلفظ: "فيما سقت السماء والعيون، أو كان عَثَريا، العُشْر، وما سقي بالنضح نصف العشر".
1 / 99