وعن النواس بن سمعان مرفوعا قال: " ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداعٍ يدعو من جوف الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب، قال: لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه.
فالصراط: الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم "١ رواه أحمد (١٧٦٠٣)، والترمذي (٣٠٣١)، والنسائي، وابن جرير وابن أبي حاتم.
وعن مجاهد في قوله: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ ٢. قال: البدع والشبهات. رواه ابن جوير، وابن أبي حاتم. وهذه السبل تعم اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، وعباد القبور، وسائر أهل الملل والأوثان، والبدع والضلالات من أهل الشذوذ والأهواء، والتعمق في الجدل، والخوض في الكلام، فاتباع هذه من اتباع السبل التي تذهب بالإنسان عن الصراط المستقيم إلى موافقة أصحاب الجحيم، كما قال النبي ﷺ " مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "٣. وفي رواية: " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " ٤. حديث صحيح.
قال ابن مسعود: تعلموا العلم قبل أن يقبض، وقبضه ذهاب أهله، ألا وإياكم والتنطّع والتعمّق والبدع، وعليكم بالعتيق. رواه الدارمي (١/٥٤) .
قلت: العتيق هو القديم، يعني: ما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه من الهدي، دون ما حدث بعدهم، فالهرب الهرب، والنجاء النجاء، والتمسك بالطريق المستقيم والسنن القويم، وهو الذي كان عليه السلف الصالح، وفيه المتجر الرابح، قاله القرطبي.
وقال سهل بن عبد الله التّستري: عليكم بالأثر والسنة، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي ﷺ والاقتداء به
_________
١ الترمذي: الأمثال (٢٨٥٩)، وأحمد (٤/١٨٢) .
٢ سورة الأنعام آية: ١٥٣.
٣ البخاري: الصلح (٢٦٩٧)، ومسلم: الأقضية (١٧١٨)، وأبو داود: السنة (٤٦٠٦)، وابن ماجه: المقدمة (١٤)، وأحمد (٦/٢٤٠،٦/٢٧٠) .
٤ مسلم: الأقضية (١٧١٨)، وأحمد (٦/٢٥٦) .
1 / 41