كالبيعة والذمة والأمان والنذر ونحو ذلك، وهذه الآية كقوله: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ ١. فهذا هو المقصود بالآية، وإن كانت شاملة، لما قالوا بطريق العموم.
﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ ٢. يقول تعالى: هذا وصاكم وأمركم به وأكّد عليكم فيه ﴿لعلكم تذكرون﴾، أي: تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه.
قوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ ٣.
ش: قال القرطبي: هذه آية عظيمة عطفها الله على ما تقدم، فإنه لما نهى وأمر، حذر عن اتباع غير سبيله، وأمر فيها باتباع طريقه على ما بينته الأحاديث الصحيحة وأقاويل السلف. (وأن) في موضع نصب، أي: ﴿و﴾ اتلوا، ﴿أن هذا صراطي﴾ عن الفراء والكسائي. قال الفراء: ويجوز أن يكون خفضًا، أي: ﴿وصاكم به ... و﴾ ب ﴿أن هذا صراطي﴾ . قال: و(الصراط): الطريق الذي هو دين الإسلام. ﴿مستقيمًا﴾، نصب على الحال، ومعناه: مستويًا قويمًا لا اعوجاج فيه، فأمر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان محمد ﷺ وشرعه، ونهايته الجنة، وتشعبت منه طرق، فمَن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار. قال الله تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ ٤. أي: تميل. انتهى. وروى أحمد (٤١٤٣)، والنسائي (١١١٧٥)، والدارمي (١/٦٧)، وابن أبي حاتم، والحاكم (٢/٣١٨)، وصححه، عن ابن مسعود قال: " خط رسول الله ﷺ خطًا بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيمًا، ثم خط خطوطًا عن يمين ذلك الخط وعن شماله، ثم قال: وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ .
_________
١ سورة النحل آية: ٩١.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥٢.
٣ سورة الأنعام آية: ١٥٣.
٤ سورة الأنعام آية: ١٥٣.
1 / 40