فإن ذلك أظلم الظلم وأقبح القبيح، ولفظ (الشرك) يدل على أن المشركين كانوا يعبدون الله، ولكن يشركون به غيره من الأوثان والصالحين والأصنام؛ فكانت الدعوة واقعة على ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة. وكانت (لا إله إلا الله) متضمنة لهذا المعنى، فدعاهم النبي ﷺ إلى الإقرار بها نطقًا وعملا واعتقادًا، ولهذا إذا سئلوا عما يقول لهم، قالوا: يقول: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾، [النّساء، من الآية: ٣٦]، واتركوا ما يقول آباؤكم كما قاله أبو سفيان.
وقوله: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ . قال القرطبي: الإحسان إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما، وامتثال أمرهما، وإزالة الرق عنهما، وترك السلطنة عليهما و﴿إِحْسَانًا﴾ نصب على المصدرية، وناصبه فعل مضمر من لفظه: تقديره: ﴿و﴾ أحسنوا ﴿بالوالدين إحسانًا﴾ .
وقوله: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ ١
الإملاق: الفقر، أي: لا تئدوا بناتكم خشية العيلة والفقر، فإني رازقكم وإياهم، وكان منهم من يفعل ذلك بالإناث والذكور خشية الفقر. ذكره القرطبي.
وفي (الصحيحين: البخاري (٤٧٦١)، ومسلم (٨٦"، عن ابن مسعود قال: "قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل الله ندًا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي قال: أن تزاني حليلة جارك. ثم تلا رسول الله ﷺ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا﴾، [الفرقان: ٦٨] ".
﴿وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ ٢. قال ابن عطية: نهي عام عن جميع أنواع الفواحش، وهي: المعاصي، و﴿ظَهَرَ﴾،
_________
١ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥١.
1 / 36