197

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Nau'ikan

قيل ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نورا

[الحديد: 13].

ثم أخبر عن أوصاف وحدانيته ومع أهل التوحيد والمعرفة ألطاف رحمانيته، بقوله تعالى: { وإلهكم إله واحد } [البقرة: 163]، إلى { يعقلون } [البقرة: 164] والإشارة فيها أن شرف الإنسان وكمال عناية الله في حقه أن أضاف نفس الإلهية إليه قال: { وإلهكم } ، فلما حصن البيت بإضافته إلى نفسه بقوله: بيتي جعله مسجد الخلائق لا مسجودهم، فلما خص الإنسان تارة بتشريف إضافة روحه إلى نفسه بقوله:

ونفخت فيه من روحي

[الحجر: 29]، وأخرى بإضافة نفسه إليهم بقوله: { وإلهكم } ، جعله مسجود الملائكة، فشتان ما بين من يكون مسجد الخلق، ومن يكون مسجودا للملائكة، وحد نفسه بقوله { واحد } حتى لا يخطر ببال الموحد احتمال إله ثان؛ لأنه لو احتمل ثالثا ورابعا إلى غير النهاية، فيؤدي إلى التفرقة، فيكون ضد التوحيد ومانعه الجمعية والحضور مع الله الواحد الأحد، فحسم مادة التفرقة عن قلب الموحد بقوله: { إله واحد }.

ثم نفى الإلهية عن غير الواحد مطلقا بقوله: { لا إله إلا هو } [البقرة: 163] لأن إثبات الوحدانية ولا كان مقيدا بقوله: { وإلهكم إله واحد } [البقرة: 163]، وكان محتملا أن يكون لغيركم من المخلوقات إله آخر، فنفى الشريك بقوله: { لا إله إلا هو } ليخلص الموحد في عبوديته؛ لأن بتقدير وجود الشريك لا يعلم العبد أنه عبد لهذا، ولذلك أولها جمعا فحينئذ لا يكون مخلصا في عبوديته، مخلصا في الافتقار إليه، مخلصا في أن لا ملجأ له إلا رحمته ولا منج له إلا كرمه وجوده، ولهذا وصف نفسه عقيب { لا إله إلا هو } بصفتي: { الرحمن الرحيم } [البقرة: 163]، وهما اسمان يدلان على صفتي الجلال والجمال، كما مر شرحهما في تفسير

بسم الله الرحمن الرحيم

[الفاتحة: 1]، فيكون معناهما حقيقة في قول { لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } لا إله إلا هو الخالق الباري المحي المميت الضار النافع المعز المذل المعطي المانع المعبود المحمود، وإلا هو الرحمن الرحيم الذي له هذه الأسماء الحسنى والصفات العلى، روي عن عمر أن ابن حصين رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي حصين:

" كم تعبد اليوم من إله؟ فقال: سبعا؛ ستا في الأرض وواحدا في السماء قال: وأيهم تعبده لرغبتك ورهبتك؟ فقال: الذي في السماء، فقال صلى الله عليه وسلم: " فيكفيك إله السماء، ثم قال: يا حصين لو أسلمت علمتك كلمتان تنفعانك، فأسلم حصين، ثم قال: يا رسول الله علمني هاتين الكلمتين، فقال صلى الله عليه وسلم: قل اللهم ألهمني رشدي وأعذرني من شر نفسي ".

فمن نتائج صفة الرحمن الرحيم في حق الإنسان ما أشار إليه في قوله: { إن في خلق السموت والأرض } [البقرة: 164]، إلى: { يعقلون } [البقرة: 164] يعني: أن الحكمة في خلق هذه الأشياء ليكون كل شيء مظهر آية من آيات الله، والفائدة في هذه الأشياء من الآيات المودعة فيها إن فائدتها عائدة إلى الإنسان؛ لأنهم قوم يعقلون الآيات لقوله تعالى:

Shafi da ba'a sani ba