96

Tasirin Lotus

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

Nau'ikan

أخذت فاندا تقرير أخصائي الفيروسات في يدها وشرعت في القراءة. لم ينبئها اسم الفيروس بشيء، قيل إنه فيروس فئران منتشر نسبيا. ليس جين مرض، لكن تنويعة جينية. ومن أجل تشخيص أدق يلزم عمل تحليلات إضافية لسلسلة الحمض النووي الوراثي. كما يلزم إجراء المزيد من الاختبارات لمعرفة إن كان التغيير في الجينوم له تأثير في قدرة العامل المسبب للمرض. قلبت فاندا الصفحة لتواصل القراءة، كادت أنفاسها تتوقف مما رأت. كانت صورة بالمجهر الفلوريسنتي، تعرفت على النقاط الخضراء المضيئة فورا. لقد تمكن الأخصائي من جلب الدليل. ولم يكن ثمة شك بالأمر. كان البروتين المشبع بالفلوريسنت هو ما يومض باللون الأخضر، وهي العلامة المميزة للدراسة الخاصة بشركة بي آي تي. لا بد أن هناك خلطا ما، فهذه لم تكن قط حيواناتها. يبدو أن بيترا أخذت العينات الخطأ، فتوقفت فاندا عن القراءة وجرت إلى المعمل، لكنها وجدتها بصحبة عدة زميلات حول طبق من البسكويت في غرفة الاجتماعات التي تستخدم هذه الأيام في غرض آخر. «... سلام وسعادة في كل مكان ...» كان النداء المنبعث من سماعة الهاتف المحمول الموضوع إلى جوار صحن البسكويت. ظلت فاندا واقفة بالباب تعطيها إشارة أنها تريدها لأمر هام، ثم جرت عائدة إلى مكتبها وعاودت تصفح النتائج بنفاد صبر.

لم تتركها بيترا تنتظر كثيرا، «ما الذي حدث؟ تبدين شاحبة مثل ملاك مصنوع من الشمع.» «ليس عندي أخبار مفرحة لو أن المكتوب هنا صحيح.» ونقرت فاندا بإصبعها السبابة على التقرير.

كلا لم تقم بيترا بتبديل العينات، بل كانت غاضبة من شك فاندا فيها أكثر من غضبها من النتائج المنذرة. أعادت فاندا مراجعة أرقام العينات مرارا وتكرارا، كانت تقرأها بصوت عال في حين جلست بيترا إلى جوارها مزمجرة.

قالت فاندا لزميلتها الغاضبة: «هل تفهمين حقا خطورة الموقف هنا؟ هذا يعني أننا في الغالب مصابون بالمرض.» وأسوأ ما في الأمر هو أنهم ربما يكونون قد صنعوه بأنفسهم. هذه المرة كانت فاندا لتسعد لو أن بيترا قد أبدلت العينات.

لكنها كالعادة أجرت كل شيء على النحو الصحيح. في الواقع، كان على فاندا أن تعرف ذلك مباشرة؛ فأخصائي الفيروسات كتب عن فيروس خاص بالفئران، أما في عينات زابينة فالأمر يدور حول جزيئات نانو كانت جديرة بلفت أنظار أخصائي الفيروسات تحت المجهر الإلكتروني. على الأقل كانت لتوجد إشارة إلى بنى غريبة في تحليل البروتين. أما الاستنتاج الذي بقي فقد أخافها كثيرا؛ إذ لم يكن مبشرا بأي خير. إن كان فيروس الفئران المنتشر نسبيا قد اندمج حقا مع مركبات جزيئات النانو، فقد آن الأوان لمقاومة هذا الأمر، فبواسطة الحمض النووي وصلت معلومة إلى عضو يستطيع أن يتكاثر، وأن يصنع الرسالة الغريبة أضعافا مضاعفة. ومن حسن الحظ أن وحدة تجارب الحيوانات الخاصة بعلم السموم تقع في جناح مستقل، فإن كانت الحواجز المانعة لنقل العدوى تعمل بكفاءة، وإن كان القائمون على رعاية الحيوانات ملتزمين بالقواعد، فسيمكن تجنب انتقال المرض لكل الحيوانات بالمعهد، كما أنها لم تسمع بحالات مرضية لدى الوحدات المجاورة. لكن هذا قد لا يحدث بالضرورة، فمن ذا الذي يعترف بأريحية بوجود ما يسيء في ثروته الحيوانية؟ كما أن شتورم لم يرد أن يسمع شيئا حول الموت الغامض للفئران في الدراسة الخاصة بشركة بي آي تي. ظلت فاندا تقلب الأمر على كافة وجوهه، ولم يكن ثمة حل آخر، لقد كان لزاما عليها إبلاغ الرئيس. ••• «إنه الآن نائم بسلام في درجة رجال الأعمال، على ارتفاع عشرة آلاف متر فوق المحيط الهادي.» هكذا أخبرتها السيدة بونتي التي كان يكسو وجنتيها ظل من لون وردي، ثم ابتسمت قائلة: «السيدة الدكتورة فالس، إن كعكة المكسرات خاصتك لهي قصيدة من الشعر.» تحركت نظراتها وكأن كاميرا موجهة نحوها من سقف الغرفة، وقالت: «هلا أطلعتني على الوصفة؟» هل كان ما سمعت صوابا؟ السيدة الدكتورة فالس؟ صحيح إن بمقدور روح عيد الميلاد أن تحرك جبال الثلج. لا بد أن لهذا علاقة بالتغير المناخي. هل عساي أن أخبرها أن قطعتي الفنية المخبوزة ما هي إلا نتاج ليال جافاني فيها النوم؟ أجبرت فاندا نفسها على الابتسام وأومأت إليها موافقة. «طبعا سأعطيها لك!» كان لديها الآن مشاكل من نوع آخر؛ فشتورم الآن على متن طائرة آتية من طوكيو، ولن يكون الاتصال به ممكنا في الساعات القادمة. هل عساها أن تجلس هكذا لا تحرك ساكنا؟ لا بد أن يفرض شخص ما حجرا صحيا على حظيرة الحيوانات. يوهانيس اختفى ثانية. وزابينة لم تعد ذات صفة هنا. ماذا عساها أن تفعل؟ مرة أخرى قرأت سريعا تقرير علم الفيروسات. لو قاموا بتحليل إضافي للسلسلة الوراثية كما اقترح التقرير من أجل الوقوف على مواصفات الفيروس بشكل أكثر دقة، فسيتم كشف كود المادة الخاصة بشركة بي آي تي على أنها مادة غير معروفة، وبهذا يمكن أن يوفروا على أنفسهم عملا كثيرا. علاوة على ذلك فسيمكنهم أن يعرفوا إن كان الجين الغريب قد سبح حقا في مخ هيلبيرج.

فكرت: إنها فرصة فريدة، علي أن أعرف.

استدعت بيترا لتحضر إليها وقامتا معا بتحضير عينات الأنسجة. هذه المرة شملت العينات من كل بستان زهرة، من حيواناتها وحيوانات زابينة ومن مخ هيلبيرج، ووضعتا مفاتيح رقمية جديدة لا يمكن التعرف على العينات بغيرها. ووضعت فاندا الورقة التي تترجم المفاتيح الرقمية في درجها وأغلقته بالمفتاح، ثم طلبت الدكتور كانتيرات مباشرة، هذا هو اسم أخصائي الفيروسات. طلبت منه فاندا تأكيدات إضافية هامة، وأن يشمل ذلك مراجعة البرنامج كله مرة أخرى بما فيه تحليل سلسلة الحمض الوراثي النووي للفيروس، فهذا أمر عاجل. وعدها أن يقدم لها نتائج التحاليل كهدية عيد الميلاد. وكانت تفهم أنه يقصد ذلك على نحو لطيف، فمن أين له أن يعرف وقع الكلمات المروع على أذنيها؟

أشار عليها رودي أن تتراجع لتتدبر، ولا ينبغي لها أن تقفز فوق قدراتها. تعجبت فاندا من نبراته الجديدة. برنامج كمبيوتر يفقه في قواعد السلوك السليم! هي لم تعلمه ذلك.

وحينما سمعت طرقا على الباب مسحت سريعا آثار المكتوب على الشاشة.

بفضول دس توماس رأسه في الباب. «كل شيء على ما يرام؟» وغمز بعينيه بمكر. ضحكت فاندا في ارتياح. «إذن أنت لست غاضبا؟» فتصرف وكأن لا علم له بشيء. تمنت فاندا فجأة أن تجد شخصا تفضي إليه بكل شيء، كانت في حاجة إلى نصيحة نافعة. هل من الممكن أن تخبره؟ صحيح أن توماس ينتمي للقسم، لكن الأمر لم يكن يمسه بشكل مباشر، كما أنها لم تسمعه يتحدث بسوء من قبل عن الرئيس أو الزملاء، وكانت تشعر دائما أنه وفي، ويستطيع دائما أن يظل هادئا. علاوة على ذلك، بدا أنها معجبة به. أنصت لها توماس بانتباه حين حكت له عن تجارب زابينة العلاجية باستخدام «إن بي 2701».

Shafi da ba'a sani ba