Tasirin Lotus
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
Nau'ikan
تطلع أندرياس إلى سماء الليل التي تنهمر منها أمطار الضوء. «لكنك تتمتعين بجمالها قبل أن تقتلك.»
راقبت فاندا كيف أنه يقف إلى جوارها بفم مفتوح. طفل كبير. دس رأسه في رقبة المعطف في حين التمعت على عدسات نظارته انعكاسات الأنوار الملونة.
قالت ببرود: «هذا الموت يأتي متسللا. يبدأ بالسعال وأزمات التنفس، ثم تتسارع ضربات القلب وتتحلل الرئتان أو يتضاعف حجمهما. سيان. النهاية واحدة. هل تعتقد حقا أنك ستذكر هذه الألعاب النارية وأنت تختنق؟»
نظر أندرياس إليها بقلق. «هل ذهبت للطبيب؟»
هزت فاندا رأسها. «حتى متى تسكتين على هذا الوضع؟» «حتى أتأكد.» «لن تتأكدي إلا من الطبيب.» «أتعلم ...» تناولت رشفة شامبانيا أخرى واستطردت: «أحيانا أعتقد أنه سيزيد من سوء الأوضاع. هل تعلم أن نسبة الجزيئات الصغيرة قد زادت في الهواء بعد أن تم تركيب فلاتر السخام في محركات الديزل؟» وبعد وقفة قصيرة أكملت: «في السابق كانت الجزيئات الكبيرة تبقي الصغيرة تحت السيطرة، كانت تربطها وتبطل مفعولها الضار، والآن بعد التخلص من الكبار صارت الحلبة خاوية يرتع فيها الصغار بمفردهم.»
فتح توماس ذراعيه عن آخرهما وتراقص في مكانه: «حين يختفي الطغاة يرقص الشعب.» كان يترنح خفيفا. هل ثمل؟
ردت فاندا بفظاظة: «أنا أعني شيئا آخر. في كل مكان لا يتم إلا معالجة الأعراض، وكل تدخل يخلق مشكلة جديدة: فلاتر السخام أدت إلى إزاحة في جدول أحجام الانبعاثات الملوثة، تناول الأدوية يؤدي إلى عدم تحمل الأدوية، فيؤدي إلى أمراض لا تعالج إلا بأدوية أخرى، يزعمون أن جينا بعينه فيه الشفاء من كل داء يتحول إلى سلاح فتاك.» خرجت عباراتها متهدجة. ماذا قلت الآن؟ سلاح فتاك؟ هراء! «على أية حال نحن لا نطلع على عواقب أعمالنا، إنما نخادع أنفسنا، ونحن نعمل في إطار ظروف معزولة، ونضع نظما مثالية لنماذجنا؛ لذا نحقق النجاح، لكن الحذر الحذر إن أطلقناها حرة؛ تتحول أفعالنا إلى ردود أفعال، ونبدأ في ملاحقة الظواهر بعد تفشيها.» «يرى أفلاطون أن مكتشف فن ما ليس بالضرورة هو أنسب الأشخاص للحكم على الجيد أو السيئ الصادر عن أولئك الذين يمارسون فنه.»
لم تخل نبرتها من شماتة وهي تقول: «... وهم لا يعرفون بالضرورة كنه ما يفعلون. الأمر تحول إلى تفويض مطلق لم يحن وقته بعد. لا يزال العلم الحديث كيانا مخنثا، يملي فيه المصنع ما يريد على المكتشف. وقد يحدث أن يفتن شخص بكلا الدورين ...» قطعت كلامها وابتسمت من زلة اللسان، «أقصد أن يقوم شخص واحد بكلا الدورين. من يتحمل المسئولية في هذه الحالة؟» «إن محاولة أي فرد أن يحل لنفسه مشكلة تمس الكل محتومة بالفشل. هذه مقولة فريدريش دورينمات في رواية الفيزيائيون.» تذكرتها فاندا، توماس أيضا استخدم استشهادا. هل كان استخدام الاستشهادات هو العلامة المميزة للخرعين؟
سألت مستفزة: «هل تردد كل شيء مثل الببغاء؟ ثم ماذا يقصد بالفشل؟ حين يضع المجتمع إرضاء نرجسيته هدفا، سيصيب النجاح حتما، سيظل هناك سبب لدعم التغيير. من ناحية أخرى أين يبدأ التغيير إن لم يبدأ بالفرد؟ أليس عملنا يصب في الصالح العام؟ ولذلك كل عالم ملزم بأن يختبر دوافعه بمفرده، بل إني سأذهب خطوات أبعد وأزعم أننا نتصرف فقط من أجل إيجاد حلول لمشاكلنا الخاصة جدا.»
ابتسم أندرياس. «هل تريدين لزملائك مثلا أن يكتفوا بالجلوس على الأريكة؟»
Shafi da ba'a sani ba