إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ «١»» .
فانهم «٢» زادوا غيظا عليه، وصاروا هم واليهود والنصارى والفرس والمجوس يدا واحدة في عداوته، وطلب نفسه، والحرص على قتله، وهم اشد الناس حقدا وأنفة وجبرية «٣» وطلبا بطائله، لا يقارّون من عاب/ خيولهم وجمالهم فكيف بمن عاب آلهتهم وآباءهم وعقولهم وضلل اديانهم، فعصمه الله منهم وهو رجل فريد بينهم، وهو في مثوبة الموت، وخندق الخوف، وذل اليتم، ووحشة الوحدة، لا يعتصم منهم بمخلوق، فصرفهم الله عنه وهذه حاله، فلو لم يكن من آياته ودلائل نبوته الا هذا لكفى وأغنى وزاد على الكفاية، لأنه إخبار بغيوب كثيرة، لأنه قال لجميع قريش ولجميع العرب ولجميع اليهود ولجميع النصارى ولكل واحد منهم: لا تقتلونني، مع ما قد جاءهم به مما قد غاظهم وأغضبهم، وهو في هذا القول كالباعث لهم على نفسه، وكالحامل لهم على مكروهه وهو يذكرهم بذلك، فسلم منهم مع هذه الأحوال، فهذا باب كاف شاف.
باب آخر [سلامته ﷺ مع حرصهم على إيذائه]
وهذا مقام لا يقومه عاقل إلا ان يكون على غاية الثقة بالله ﷿ والسكون الى وعد الله لأنه لو لم يكن كذلك لم تلبث ان تغضب أمم
_________
(١) المائدة ٦٧
(٢) في الاصل، فإن
(٣) الجبرية والجبرية: التكبر، انظر القاموس، مادة: جبر
1 / 7