ثم قال المعترض: وهو -أي الناظم- أثبت للنبي ﷺ علم اللوح والقلم، ومراده بتعليم الله له.
ثم قال بعد ذلك: ما المانع أن يكون من علوم النبي ﷺ علم اللوح والقلم.
فالعجب من تناقض هذا المبطل، ادعى أولا أن المراد باللوح والقلم ألواح الناس وأقلامهم، ثم ادعى أن الإضافة جنسية، ثم اعترف بأن الناظم أثبت للنبي ﷺ علم اللوح والقلم، ثم قال: فماالمانع أن يكون من علوم النبي ﷺ علم اللوح والقلم.
قال: وهذا الذي قررناه بناء على أن الله تعالى يطلع نبينا وغيره على الخمس.
قال: فهناك نقول من أطلعنا على كلامه.
وذكر أشياء ليس فيها ما يستأنس له به فضلا عن أن يكون حجة، وإنما أكثر من النقول للتمويه والترويج على الجهال، ومنها ما هو حجة عليه كنقله عن شرح المشكاة لعلي القاري على قوله ﷺ: "مفاتح الغيب خمس" ١ أي لا يعلم تفصيله إلا هو ولا يعلم مجمله بحسب خرق العادة إلا من قبله.
وقال في شرح قوله: ﴿في خمس لا يعلمهن إلا الله﴾ فإن قلت قد أخبر الأنبياء بكثير من ذلك فكيف الحصر، قلت الحصر، باعتبار كلياتها دون جزئياتها، قال تعالى ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن: ٢٦،٢٧] . انتهى.
وهذا حجة عليه لأننا لا ننكر أن الله يطلع الأنبياء على أشياء من الغيب معجزة لهم ويكشف لبعض أتباعهم شيئا من ذلك كرامة لهم، وإنما ننكر القول بأن محمدا ﷺ يعلم جميع ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ.
ومن ذلك مفاتح الغيب الخمس، وأنه ﷺ يعلم جميع ما احتوت عليه القلوب بقوله: وليس يخفى عليك في القلب داء.
_________
١ أخرجه البخاري، كتاب الاستسقاء، باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله، حديث رقم ١٠٣٩.
1 / 31