116

Tasis Taqdis

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس

Bincike

عبد السلام بن برجس العبد الكريم

Mai Buga Littafi

مؤسسة الرسالة

Lambar Fassara

الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ

Shekarar Bugawa

٢٠٠١م

وقوله هنا فعلى قولكم إن الطلب نفسه عبادة. مقتضى كلامه أن الطلب من حيث ليس بعبادة سواء كان الطلب من الله أو من غيره.
فيقال له: إن زعمت أن الطلب من الله ليس بعبادة فهذا معلوم البطلان كما قررناه فيما تقدم وبينا دلائله، من ذلك أن الله أمر بدعائه، وأثنى على من دعاه رغبا ورهبا فقال:
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء:٩٠]، وسمى النبي ﷺ الدعاء عبادة فقال: "إن الدعاء هو العبادة" ١ وقال: "الدعاء مخ العبادة" ٢ وكل ما أمر الله به أمر إيجاب أو استحباب فهو عبادة عند جميع العلماء. فمن قال إن دعاء العبد ربه ليس بعبادة له فهو ضال، بل كافر، فإن أقر أنه عبادة ولابد أن يقر إلا أن يعاند ويكابر، فإن أقر أن دعاء العبد ربه عبادة فإذا دعا ربه راغبا وراهبا فقد عبده٣، فإذا من دعا من لا يسمعه أو لا يستجيب له من ميت أو غائب كان قد دعا من لا ينفعه ولا يضره، ونصوص القرآن صريحة في النهي عنه وذم من دعا من هذه صفته، فيدخل في ذلك الأموات والغائبون كالجماد٤، لأن كلا من هؤلاء لا يستجيب لداعيه فلا ينفعه إن دعاه ولا يضره إن لم يدعه. وتقدم حكاية الشيخ تقي الدين إجماع المسلمين على كفر من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم. وتقدم أيضا قول الله ﷾: ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء: ٥٦] . وقول المفسرين: إنها نزلت فيمن يعبد الملائكة والمسيح وأمه وعزيرا والجن، وقول الشيخ تقي الدين: إن الآية تعم من دعا الأموات والغائبين. فكل من دعا ميتا أو غائبا فهو داخل في حكم هذه الآية، وهذا ظاهر لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والذين هم سبب النزول غائبون، وغائبهم

١ تقدم تخريجه ص ٩٢.
٢ تقدم تخريجه ص ٩٢.
٣ في "ب" "فقد عبده فإذا دعا من لا يسمعه فقد عبده فإذا دعا من لا يسمعه ٠٠ ".
٤ في "أ" "والجمادات".

1 / 127