ويتحقق عندهم ما تنطوي عليه لعموم المسلمين جميل نيتنا. ويبين لهم أننا من الله على بصيرة، وأن الإسلام يجب ما قبله، وأنه تعالى ألقي في قلبنا أن نتبع الحق وأهله، و يشاهدون عظیم نعمة الله على الكافة بما دعانا إليه: من تقديم أسباب الإحسان، ولا يحرموها بالنظر إلى سالف الأحوال فكل يوم هو في شأن. فإن تطلعت نفوسهم إلى دلیل تستحکم بسببه دواعي الاعتياد، و جة يثقون بها من بلوغ المراد، فلينظروا إلى ما ظهر من مآثرنا، ما اشتهر خبره ، وعم أثره، فإننا ابتدأنا - بتوفيق الله تعالى - بإعلاء أعلام الدين و إظهاره، في إيراد كل أمر و إصداره تقدیما، و إقامة نوامیس الشرع الحدي على مقتفي قانون العدل الأحد إجلالا وتعظيا. وأدخلنا السرور على قلوب الجمهور وعفونا عن كل من اجترح سيئة أو اقترف، وقابلناه بالصفح وقانا عفا الله ئاساف. وتقدمنا بإصلاح امور أوقاف المسلمين من المساجد والمشاهد والمدارس، وعمارة بقاع البر والربط الوارس، و إيصال حاصلها بموجب عوائدها القديمة إلى مستحقيها الشروط واقفيها، ومنمنا أن يلتمس شيء مما استحدث عليها، وألا يغير أحد مما قرر أولا فيها. وأمرنا بتعظيم أمر الحاج وتجهيز وفدها، وتأمين شبلها وتسيير قوافلها. و إنا أطلقنا سبيل التيار المترددين إلى تلك البلاد ليسافروا بحسب اختيارهم على أحسن قواعدهم، وحرمنا على العساكر والقراغول والشحاني في الأطراف التعرض بهم في مصادرم ومواردهم، وقد كان صادف قراغولنا جاسوسا في زي الفقراء كان سبيل مثله أن يهلك، فلم برف دمه لزمة ما حرمه الله تعالى، وأعدناه إليهم. ولا يخفى عنهم ما كان في إنفاذ الجواسيس من الضرر العام المسلمين، فإن عساکرنا طالما رأوم في زي الفقراء والنتاك وأهل الصلاح فاءت ظنونهم في تلك الطوائف، فقتلوا منهم من قتلوا، وفعلوا بهم ما فعلوا، وارتفعت الحاجة بحمد الله تعالى إلى ذلك بما صدر إذنا به من فتح الطريق وتردد التجار وغيرهم، فإذا أمعنوا النكرا في هذه الأمور وأمثالها لايخفى عنهم أنها أخلاق جبلية طبيعية وعن شوائب التكاف والتصنع عربة. و إذا كانت الحال على ذلك فقد ارتفعت دواعي الفئة التي كانت موجية الحالمة، فإنها كانت بطريق الدين، والذب عن حوزة المسلمين، فقد ظهر بفضل الله تعالى في دولتنا النور المبين. وإن كانت لما سبق من الأسباب فن تحري الآن طريق الصواب، فإن له عندنا الزلفي وحسن مآب. وقد رفعنا الحجاب، وأتينا بفضل الخطاب وعرفناهم ما عزمنا عليه بنية خالصة لله تعالى على استئنافها، وحرمنا على جميع عما كرنا العمل بخلافها، لنرضی بها الله والرسول، وتلوح على صفحاتها آثار الإقبال والقبول. وتستريح من اختلاف الكلمة هذه الأمة، وتنجلى بنور الائتلاف ظلة الاختلاف والفنية. فتسكن في سابق ظلها البوادي والحواضر، وتقر القلوب التي بلغت من الجهد الحناجر، ویعفی عن سالف المئات والجراثر، فإن وفق الله سلطان مصر لاختيار ما فيه صلاح المائة، وانتظام أمور بنی آدم، فقد وجب عليه المسك بالعروة الوثقی، وسلوك الطريقة المثلى فتح أبواب الطاعة والاتحاد، و بذل الإخلاص بحيث تتعمر تلك الممالك والبلاد، وتسكن الفتنة الثائرة، وتغمد السيوف الباترة، وتحل الكافية أرض الهويني وروض المدون، وتخلص رقاب المسلين من أغلال الذل والهون. وإن غلب سوء الظن بما تفضل به واهب الرحمة، وتتم عن معرفة قدر هذه النعمة، فقد ش كر الله مساعينا وأبلى عذرنا، وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، والله الموفق نفرشاد والسداد، وهو المهيمن على البلاد والعباد، وحسبنا الله وحده.
Shafi 8