Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Nau'ikan
وكان يؤمن بهذا إيمانا قلبيا وجدانيا، ويسوق على إيمانه حشدا من الأحداث والأدلة التي وقعت له في طفولته، ونجاه الله منها، وحفظه من عواقبها.
وكان دارسا فطنا ألمعيا ذا شغف ونهم بالعلوم، وحسبك أنه قبل أن يتم العاشرة كان قد درس من كتب النحو ما أهله لمجالسة العلماء.
وكان من يؤمن أيضا إيمانا قلبيا وجدانيا بأن الله قد وهبه فوق الذاكرة الواعية الحافظة فهما في العلم، وبصيرة في إدراك غوامضه ودقائقه.
مات أبوه فكفله أخوه العالم الصوفي الورع الشيخ عبد القادر، وعبد الوهاب يدين لأخيه بالكثير من التوجيه والحب الصادق، والرعاية الكاملة الواهبة المانحة، بل ويدين له فوق ذلك بالحضور إلى القاهرة حيث تفتحت أمامه الآفاق.
ويقص علينا الشعراني تاريخ حضوره إلى القاهرة بذلك الأسلوب الأخاذ الصادق الذي عرف عن الشعراني وعرف به، فيقول: «وكان مجيء إلى القاهرة افتتاح سنة عشرة وتسعمائة، وعمري إذ ذاك اثنتا عشرة سنة، فأقمت في جامع سيدي «أبو العباس الغمري»، وحنن الله علي شيخ الجامع وأولاده، فمكثت بينهم كأني واحد منهم؛ آكل ما يأكلون، وألبس ما يلبسون، فأقمت عندهم حتى حفظت متون الكتب الشرعية وآلاتها على الأشياخ.»
ثم يقول: «ولم أزل - بحمد الله - محفوظ الظاهر من الوقوع في المعاصي، معتقدا عند الناس، يعرضون علي كثيرا من الذهب والفضة والثياب، فتارة أردها، وتارة أطرحها في صحن الجامع فيلتقطها المجاورون.»
والشعراني هنا يغفل الإشارة إلى حقبة من تاريخه في طلب العلم، وهي الفترة التي مكثها في الأزهر.
فإجماع رجال التاريخ على أنه حضر من قريته إلى الأزهر؛ حيث قضى خمس سنوات يتلقى العلم على يد شيخه علي الشوني، الذي أحبه وقربه واصطفاه، ثم انتقل بعد ذلك إلى مسجد الغمري بناء على مشورة شيخه علي الشوني.
ومسجد الغمري كان في ذلك الوقت منارة للعلم، ومثابة للطلاب، وكانت الحياة فيه على غرار أمثاله من المساجد التي تحولت في العالم الإسلامي إلى معاهد علمية، لا يكتفى فيها بالتعليم فقط، بل تجرى فيها أيضا الأرزاق من الأوقاف والهبات على من يلازمها ويتخصص للعلم فيها.
4
Shafi da ba'a sani ba