Tasawwuf: Juyin Juya Hali na Ruhaniya a Musulunci
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Nau'ikan
فنلني بعفو منك أحيا بقربه
أغثني بيسر منك يطرد إعساري
18
لسنا هنا بإزاء معان صوفية خفية كتلك التي نجدها في رسائل الجنيد، بل بإزاء شعور غامر يفيض بحب الله ويدرك صاحبه أن محبته باقية ببقاء الروح وأنها لا علاقة لها بهذا البدن الفاني. محبة تتجدد مع الزمن، كلما قضى منها وطر تجدد وطر، ويعترف المحب بالغنى المطلق لحبيبه وبالفقر المطلق لنفسه، ويبثه شكواه وما يتحمل قلبه من أجله من أمور لا تبدو لأحد غيره ولا يطلع على أسرارها أقرب الناس إليه، ثم يبتهل إلى المحبوب الذي هو دليل الحائرين أن ينير له الطريق وييسره له ويشمله بعفو منه يضمن له الحياة؛ لأن حياته في قربه وموته في بعده.
ويعتبر ذو النون المحبة الإلهية جماع الأخلاق الشرعية سواء ما اتصل منها بالله وما اتصل بالخلق: فمن المحبة الإلهية أن تحب ما أحب الله وتبغض ما أبغضه وتترك كل ما يشغلك عنه، ومن المحبة الإلهية أن تفعل الخير وتعطف على المؤمنين وتغلظ على الكافرين، ومن المحبة الإلهية أن تحب رسول الله وتقفو أثره، يقول الله عز وجل:
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .
19
وكما تكلم ذو النون في المحبة الإلهية تكلم كذلك في أخص لوازمها وهو الأنس بالله، فإن من أحب الله على الحقيقة استأنس به واستوحش من كل ما عداه، وانقطع عن كل شيء سواه. يقول ذو النون:
الأنس بالله نور ساطع
والأنس بالخلق غم واقع
Shafi da ba'a sani ba