Zamanin Farko: Tarihin Al'ummar Larabawa (Sashe na Farko)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Nau'ikan
وفي الحجاز كثير من الجبال أشهرها: «خندمة» و«أجياد» و«أبو قبيس»، و«ثور» و«ثبير» و«عرفات»، وكلها قرب مكة. (1-1) الحالة الدينية
كانت الحالة الدينية في بلاد الحجاز قبل البعثة النبوية متعددة النواحي؛ ففيها الحمس الحنفاء، وفيها المشركون، وفيها الزنادقة، وفيها المعطلون، وكان لكل فريق طقوسه وتقاليده التي أخذها عن رجال دينه وأسلافه، إلا أنهم كانوا جميعا يجمعون على شيء واحد وهو تقديس الكعبة واحترام مشاعرها، فقد جعلوا لها حرما مقدسا يحيط بمكة من دخله كان آمنا، وحده من جهة المدينة دون «التنعيم» عند بيوت بني نفار على ثلاثة أميال، ومن جهة العراق على ثنية جبل بالمنقطع على سبعة أميال، ومن طريق «الجعرانة» بشعب أبي عبد الله بن خالد على تسعة أميال، ومن طريق «الطائف» على عرفة، ومن بطن «غرة» على سبعة أميال، ومن طريق «جدة» عند منقطع العشائر على عشرة أميال،
9
وقد كان الناس منذ أقدم عصور «الجاهلية» يقدسون هذه البقعة فلا يسفكون فيها الدماء، ولا يقطعون الشجر والقصب، ولا يطردون الصيد، ولا يقتلون الطير. قال ياقوت: ومن شرفها أنها كانت لقاحا لا تدين لدين الملوك ... ومما زاد في فضلها أهلها ومباينتهم للعرب أنهم كانوا حلفاء متآلفين ومتمسكين بكثير من شريعة إبراهيم، ولم يكونوا كالأعراب الأجلاف، ولا كمن لا يوقره دين ولا يزينه أدب.
10
والحمس هم المتشددون في الدين وحفظ التقاليد الموروثة عن إبراهيم - عليه السلام - وهم: بنو «خزاعة» و«كنانة» و«جديلة قيس»، و«ثقيف» و«عامر بن صعصعة»، وكان من سنة الحمس أن لا يخرجوا أيام المواسم إلى عرفات، وإنما يكتفون بالوقوف عند المزدلفة، ولا يشتكون ولا يأقطون ولا يرتبطون عنزا ولا بقرة، ولا يغزلون صوفا ولا وبرا، ولا يدخلون بيتا من الشعر والمدر، إنما يكتنون بالقباب الحمر في الأشهر الحرم، ثم إنهم فرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزواد الحل إذا دخلوا الحرم، وأن يخلوا ثياب الحل ويستبدلوها بثياب الحرم، إما شرى وإما عارية وإما هبة، فإن وجدوا ذلك وإلا طافوا بالبيت عرايا، وفرضوا على نساء العرب مثل ذلك، وكلفوا العرب أن تفيض من مزدلفة، وكانت تفيض من عرفة أيام كان الملك في جرهم وخزاعة، وصدرا من أيام قريش، فلولا أنهم أمنع حي في العرب لما أقرتهم على هذا العز والإمارة مع نخوة العرب في إبائها.
11
يقول العلامة الألوسي: كانت قريش ابتدعت رأي الحمس رأيا رأوه وأرادوه، فقالوا عن بني إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقطان مكة وسكانها، فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم، وقالوا قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم، فتركوا الوقوف بعرفة والإفاضة منها، وهم يعترفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم، ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهل الحرم، فليس ينبغي لنا أن تخرج من الحرمة ولا تعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس.
12
وقد كانت قريش وبطونها والحمس وقبائلها يقومون بالشعائر الدينية التي كانت تربط جميع من كانوا يقصدون البيت الحرام برباط ديني وثيق على اختلاف قبائلهم، وما ذلك إلا لمكانة مكة وقدسية الكعبة واحترامهم لقريش التي كانت تتمتع بمكانة مرموقة بينهم، وكان للعرب أشهر مقدسة حرم يعقدون فيها الأسواق التجارية حول الحرم، وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، فكان لا يجرؤ أحد على الإخلال بحرمة تلك الأشهر.
Shafi da ba'a sani ba