Tarihin Tamaddun Musulunci
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Nau'ikan
سوق عكاظ
وكان على مقربة من الطائف سوق يجتمع إليها الناس في الأشهر الحرم، فينصبون خيامهم بين نخيله، يبيعون ويشترون ويتبادلون، وهي سوق عكاظ المشهورة، وكان للعرب أسواق أخرى في أماكن أخرى، ولكن هذه كان يجتمع فيها أهل البلد المجاور لها ... وأما عكاظ فكان يتوافد إليها العرب من كل جهة، وزادت قريش في بواعث الاجتماع إليها بأنهم جعلوها مسرحا للأدب والشعر، تتسابق فيه القبائل إلى إظهار نوابغها من الشعراء والخطباء، فيتناشدون ويتحاجون ويتفاخرون، ومن كان له أسير سعى في فدائه، وكان لعكاظ في أيام الموسم رجل يولونه الحكومة للفصل في ما قد يقع من الخلاف أو نحوه، وكان الغالب أن يكون ذلك الحاكم من بني تميم، ومتى فرغ الناس من سوق عكاظ، وقفوا في عرفة، ثم يأتون مكة فيقضون مناسك الحج ويرجعون إلى موطنهم.
وكان رجال قريش يرحلون للتجارة رحلتين في العام رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى بصرى في حوران بضواحي الشام، فكانت مكة وسط عقد التجارة، بين اليمن والشام، وكانت طرق التجارة خطرة، إلا عليهم، لحفظ العرب حرمتهم، لأنهم ولاة الكعبة، وكانوا كثيرا ما يسافرون إلى بلاد فارس أو إلى الشام، فيأتون من الشام بالأنسجة والأطعمة، ويحملون من فارس السكر والشمع وغيرهما.
فالكعبة كانت مصدر رزق أهل مكة، ولولاها لما استطاعوا المقام في ذلك الوادي وهو غير ذي زرع، على أن أسفارهم ومخالطتهم العالم المتمدن في أطراف العراق والشام، جعلتهم أوسع العرب علما، وأكثرهم خبرة ودراية، ونظرا لعلاقة الكعبة بأسباب معائشهم بذلوا العناية في القيام على شؤونها، وسهلوا على الناس القدوم إليها، فأنشأوا فيها أماكن للسقاية وأخرى للطعام وجعلوا ما يجاورها حرما لا يجوز فيه القتال، وتولى بعضهم السقاية وبعضهم الرفادة وبعضهم غير ذلك، وما زالت تلك المناصب تتعدد حتى أصبحت قبيل الإسلام بضعة عشر منصبا، هي عبارة عن مناصب الدولة في ذلك العهد اقتسمتها قريش في بطونها، وأشهرها عشرة أبطن هاشم وأمية ونوفل وعبد الدار وأسد وتيم ومخزوم وعدي وجمح وسهم، لكل من هذه البطون منصب أو أكثر، وإليك هي:
مناصب القرشيين (1)
السدانة:
وهي الحجابة وصاحبها يحجب الكعبة وبيده مفتاحها ... يفتح بابها للناس ويقفله، ولها المقام الأول عندهم، ومثل هذا المنصب قديم عند اليهود فقد كان عندهم كاهن خاص لحراسة الهيكل يسمونه حافظ الباب، وقد جعل صاحب «العقد الفريد» السدانة والحجابة منصبين. (2)
السقاية:
وصاحبها يتولى سقاء الحجاج لقلة الماء في مكة فينشئ حياضا من الجلد، توضع في فناء الكعبة تنقل إليها المياه العذبة من الآبار على الإبل في المزاود والقرب، وما زال ذلك شأنهم حتى حفرت زمزم وكانت السقاية في بني هاشم. (3)
الرفادة:
Shafi da ba'a sani ba