Tarihin Tamaddun Musulunci

Jurji Zaydan d. 1331 AH
151

Tarihin Tamaddun Musulunci

تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)

Nau'ikan

ثم أمر بهم فجلدوا بالسياط وطوقهم في العسكر وأمر بفساطيط روح نب زنباع فأحرقت بالنار، فدخل روح بن زنباع على عبد الملك بن مروان باكيا فقال له «ما لك؟» فقال «يا أمير المؤمنين، الحجاج بن يوسف الذي كان في عديد شرطتي ضرب عبيدي وأحرق فساطيطي»، قال «علي به»، فلما دخل عليه قال «ما حملك على ما فعلت؟»، قال «ما أنا فعلته يا أمير المؤمنين»، قال «ومن فعله؟»، قال «أنت والله فعلته! إنما يدي يدك، وسوطي سوطك، وما على أمير المؤمنين إلا أن يخلف على روح بن زنباع للفسطاط فسطاطين وللغلام غلامين ولا يكسرني فيما قدمني له» فأخلف الخليفة لروح بن زنباع ما ذهب له، وتقدم الحجاج في منزلته، وكان ذلك أول ما عرف عن كفايته.

فيشبه أن يكون ذلك أول تاريخ التجنيد الإلزامي، ثم صار التجنيد سنة وأصبح الجند الإسلامي فئتين: المرتزقة والمتطوعة، وكلاهما عرب يرجعون في أنسابهم إما إلى قحطان وهم اليمنية، أو إلى عدنان وهم المضرية، وفيهم جماعة من الموالي أو العبيد. (5) جند الأعاجم في الإسلام (5-1) في الدولة العباسية

فلما تولى بنو العباس واحتاجوا إلى مؤازرة الأعاجم في تأييد سلطانهم، دخل في جند العرب جماعات منهم، وأول من دخل في الجند الإسلامي منهم آل خراسان، لأنهم هم الذين نصروا العباسيين في دعوتهم ، وسلموا إليهم أزمة الخلافة بقيادة أبي مسلم الخراساني، فكانت فرق الجند في أيام المنصور ثلاثا: اليمنية، والمضرية، والخراسانية، ثم أضيف إليها فرقة رابعة هي فرقة الحرس الخاص، اتخذها الخلفاء خوفا مما كانوا ينصبونه لهم من الحبائل أو يقيمونه عليهم من الثورات، ومن غريب هذه الأعمال أن الأمر الذي أراد الخلفاء أن يحفظوا سلطانهم به كان علة خروج ذلك السلطان من أيديهم ...

ولما أفضت الخلافة إلى المعتصم بالله (سنة 218ه) كانت العناصر الأجنبية قد تمكنت من الدولة، وزاد الخلفاء خوفا على أنفسهم، فخاف المعتصم من جنده على نفسه، فاصطنع قوما من الحوف بمصر (الشرقية والدقهلية) استخدمهم في حاشيته، وسماهم المغاربة - لأن مصر غربي بغداد - ولعل فيهم بعض أهل المغرب، وجمع خلقا من أشروسنة وسمرقند وفرغانة ابتاعهم من أسواق بغداد تدريجا وجند منهم جندا سماه جند الفراغنة ثم سموا الأتراك، وقد كانوا أشد خطرا على الدولة العباسية من سائر فرق الجند، وآل الأمر بهم إلى الاستبداد بأهل الدولة، واحتقار الجند العربي الأصلي وإساءة سائر أهل بغداد، حتى إنهم كثيرا ما كانوا يركبون الدواب في شوارع بغداد ويركضونها، فيصدمون الرجل والمرأة والصبي، فتأذى الناس وشكوا أمرهم إلى المعتصم، فلم ير سبيلا إلى تلافي ذلك إلا بإخراج جنده من بغداد، فبنى لهم سامراء (سنة 221) وأقام معهم فيها.

وكانت خلافة المعتصم بدء نفور العرب من خلفائهم وشكواهم منهم، وكانوا يعبرون بالجند يومئذ عن الأتراك وغيرهم من الأعاجم، «وبالحربية» عن جند العرب وكلهم مشاة، ثم المتطوعة وهم الذين يقدمون على الحرب من تلقاء أنفسهم، ويغلب أن يكون المتطوعة في الحروب خارج حدود المملكة الإسلامية، وكان من فرق الجند عند الخلفاء النشابون الذين يرمون النشاب، والنفاطون الذين يرمون النفط لإحراق حصون الأعداء، والمنجنيقيون رماة المنجنيق وهم مثل مدفعية هذه الأيام، والعيارون وهم رماة الحجارة من المخالي، وكان للجند أطباء وصيادلة يرافقونهم في الحرب والسلم، كما تفعل الدول المتمدنة اليوم.

جند من المسلمين بأعلامهم وأبواقهم في القرن الثامن للهجرة نقلا عن مخطوط قديم.

ثم نشأت فرق أخرى من جند الأتراك وجعلوا يتنازعون النفوذ في الدولة، وكان في جملة تلك الفرق فرقة الشاكرية ... ظهرت في أيام المهتدي واستفحل أمرها في أيام المستعين بالله، ونشأ في أثناء ذلك ضرب من الحرس الخاص في قصور الخلفاء يسمونهم الغلمان الحجرية، وكان في دولة الفواطم بمصر فرقة منهم، وتحول قسم كبير من جند المشاة العرب إلى فرقة عرفت بالرجال المصافية، ثم تشكلت فرقة عرفت بالفرقة الساجية، نسبة إلى ابن الساج أحد عمال المقتدر بالله، وهناك فرق أخرى من الأتراك وغيرهم تقرأ أسماءهم عرضا في تاريخ الدولة العباسية كالبلالية والسعدية وغيرهما، وكانت كل فرقة تستعمل نفوذها في الدولة على ما يبلغ إليه جهدها، وكثيرا ما كانت تقوم الفتن فيما بينها أو بينها وبين حرس الخلفاء، حتى آل الأمر إلى خروج الأحكام من العرب على الإجمال، ونسي أمر قريش والعرب - كما سيأتي - وصارت الأحكام إلى الأتراك ونحوهم، فنشأت منهم الدولة المشهورة، وتقلبت نظم الجند بعد قيام دول الأتراك الكبرى على أحوال شتى، نذكر منها نظامهم في زمن السلاطين المماليك بمصر ثم العثمانيين. (5-2) جند السلاطين المماليك بمصر

كان جند المماليك أخلاطا من الأتراك والجركس والروم والأكراد، وأكثرهم من المماليك المبتاعين، وهم طبقات أعلاها الأمراء ومن يليهم إلى الجندي البسيط، وأما الأمراء فهم كالضباط في هذه الأيام، ومنهم من له إمرة مائة فارس أو أكثر إلى ألف فارس، وهؤلاء من الأمراء يسمون أكابر النواب، وتحتهم أمراء الطبلخانات ولكل منهم إمرة أربعين فارسا إلى السبعين، ولا تكون الطبلخانة لأقل من 40 فارسا، يليهم أمراء العشرات من عشرة إلى أربعين، ثم جند الحلقة وهؤلاء لكل أربعين منهم مقدم ليس له حكم عليهم إلا إذا خرج العسكر، وكانت قيادتهم إليه وكانت رواتبهم تعطى بالإقطاع كما سيجيء.

خوذة أحد السلاطين المماليك بمصر.

وكان لهم في الجند مناصب تتفاوت رفعة ونفوذا، أهمها أمير السلاح وصاحبها يتولى حمل السلاح للسلطان، والدوادار لتبليغ الرسائل عن السلطان وهو من أمراء المئين، والحاجب يقف بين الأمراء والأجناد، وأمير جاندار كالمتسلم للباب ومن أراد السلطان قتله كان على يده ، والأستاذ دار يتولى أمر بيوت السلطان ونفقاتها، ونقيب الجيش لإحضار من يطلب السلطان إحضارهم، والوالي وهو صاحب الشرطة،

Shafi da ba'a sani ba