Tarihin Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Nau'ikan
بقي نابوليون يشاور نفسه مدة نصف ساعة تقريبا بين أن يقبل أو أن يرفض ذلك المنصب المهم؛ إذ إنه لم يكن ليرضى أن يحارب ضد الفانده، ولم يكن من السهل عنده أن يعزم من غير تردد على تصويب مدافعه على صدور الباريسيين، قال نابوليون في مذكراته التي كتبها في سنت هيلين ما يلي: «كنت أقول في نفسي: ولكن إذا سقطت الاتفاقية ماذا يحل بحقائق ثورتنا الكبرى؟ إن انتصاراتنا العديدة ودمنا الذي كثيرا ما هرقناه ما هي اليوم سوى أعمال مخجلة، والغريب الذي كثيرا ما غلبناه ينتصر ويرهقنا باحتقاره ...» هكذا يكلل سقوط الاتفاقية جبين الغريب ويلصق العار والعبودية بالوطن، فهذا الشعور، والخمس والعشرون سنة، والثقة بقواه، وحظه، كل ذلك كان يدفعه إلى الأمام، فعقد النية على العمل ومثل أمام الجمعية.
هذا العزم الثابت جاء شؤما على العصاة؛ إذ إن نابوليون عرف أن يحقق مقاييسه تحقيقا حسنا، وقدر له ببعض ساعات حرب أن يطرد الجيش الباريسي من جميع مراكزه ويقضي على التمرد قضاء مبرما.
أما الاتفاقية فجازت منقذها بأن سمته قائدا عاما لجيش الداخلية، منذ ذلك اليوم صرح نابوليون بأنه سينظم قوى فرنسا العسكرية، ووضع قدمه على الدرجة الأولى من العرش قابضا بيده على قيادة العاصمة، تلك القيادة السامية العليا، يا له انقلابا في أربع وعشرين ساعة! في الثاني عشر من فندميير كان يعيش في البطالة وزوال الحرمة، يائسا من عودة ذكائه إلى العمل والنشاط، تدفعه العقبات والنوائب إلى الريبة بمستقبله، وقد أتعبته الموانع والعراقيل التي صدمته في المسرح السياسي، حتى إنه لم يجد مفيضا من القول، ساعة تناهى إليه زواج أخيه جوزيف من ابنة تاجر كبير من تجار مرسيليا: «يا له من عفريت سعيد!»
وفي الرابع عشر من فنديميير كان الأمر بالعكس، فقد توارت جميع تلك الإرادات المدنية التي لم يكن لها قسط من الثبات، وأصبح طريد الأمس قاهر الغد، أجل، أصبح مركز المؤامرات والمطامع جميعها كما كان روحا لجميع الفتن، لقد علق قاهر الأقسام الباريسية الفتى، على مرأى من الملكيين الذين كانت روح فرنسا تدفع علمهم إلى الوراء، وفي حين لم يكن فوق رأسه سوى جماعة شاخت سريعا في وسط ميدان الصدمات الدولية والمقاصل، لقد علق بكوكبه الطالع مقدرات الثورة التي لم يبق باستطاعة كوكب الاتفاقية الشاحب أن يقودها بذلك البريق الذي كان يزينه في أولى سنوات الحرية.
أول ما بدأ به نابوليون، هو استعمال نفوذه ومقدرته لإنقاذ مينو الذي كانت الجمعيات تعمل على إهلاكه.
لم يستطع المقهورون، بالرغم من إنصافه واعتداله، أن يغفروا له هزيمتهم، إلا أن انتقامهم اقتصر على إعطائه لقب «رامي القنابل».
كان الشعب الباريسي قد جرح في صميمه، وجاءت المجاعة تضع يدها على رجال الحرب الذين سببوها، قال السيد ده لاس كاز: «ذات يوم، في حين أن توزيع الخبز لم يكف حاجة الجمهور، وبينما كان الحشد الغفير مجتمعا على أبواب الخبازين، مر نابوليون تصحبه فرقة من ضباطه ليتفقد حالة شعبه، فتألب حوله جمع غفير من الرجال والنساء يصرخون بأعلى صوتهم طالبين الخبز، هائلة البدن امتازت عمن حولها بألوان الحركات والكلام، فكانت تصرخ مخاطبة هذا الجمع من الضباط بقولها: إن جميع هذه الرمانات التي على أكتافكم إنما هي دلائل الهزء بنا، فأنتم لا يهمكم إلا أن تأكلوا جيدا وتسمنوا، وسواء عندكم أمات الشعب جوعا أم لم يمت! فخاطبها نابوليون بقوله: انظري إلي أيتها المرأة، من منا أجسم من الآخر؟ - كان نابوليون أبعد ما يكون من السقم، وكان يقول عن نفسه: كنت في ذلك الحين قطعة من الرق - فاستولى على الجمهور ضحك شديد، وأتيح لفرقة الضباط أن توالي سيرها.»
في أثناء ذلك كانت فتنة التمردات الفنديمييرية
2
ومجموع الشكاوى المرتفعة من جميع الأحزاب ضد الاتفاقية قد أصدرت أحكامها بنزع سلاح الأقسام جميعها، بينما كانت هذا الأحكام على قيد التنفيذ، دخل فتى بين العاشرة والثانية عشرة من عمره على القائد العام، وتوسل إليه بأن يعيد إليه حسام والده الذي قاد سابقا جيوش الجمهورية، كان هذا الفتى أوجين ده بوهارني، فنزل نابوليون عند طلبه وأظهر له كل محبة وإكرام، فما كان من الفتى إلا أن بكى حنوا وذكر عطف الجنرال أمام والدته التي ظنت أنه من الواجب عليها أن تذهب إليه بنفسها فتشكره على هذا الصنيع.
Shafi da ba'a sani ba