Tarihin Misra Tun Daga Fatan Usmani Har Zuwa Kafin Lokacin Yanzu
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Nau'ikan
واستحدث العثمانيون في بناء الجوامع بمصر الشكل التركي، وهو متخذ من شكل كنائس «بوزنطية» القديمة. وأهم شيء في أوضاعه اتخاذ القباب بدلا من السقف المستوية، فصارت القبة في كل جامع هي المركز الذي يدور عليه البناء بعد أن كانت إشارة إلى الأضرحة والترب في الزمن السابق، ومن مميزات هذه المباني أيضا اتخاذ «القاشاني»
3
المحلى بالأشكال الفرنجية دون العربية، وبناء المنائر الأسطوانية الشكل أو المنشورية الكثيرة الأضلاع جدا حتى تقرب من الأسطوانية، وتنتهي غالبا بمخروط أو هرم كثير الأضلاع يتخذ من الخشب.
فأول جامع بني في مصر على هذه الأشكال البوزنطية هو جامع سليمان باشا الشهير الآن بسارية الجبل الذي شيد داخل القلعة سنة (935ه/1528م)، ويليه جامع سنان باشا ببولاق المشيد سنة (979ه/1571م)، ثم جامع الملكة صفية بالداودية المبني سنة (1019ه/1610م).
وقد حوكيت الأوضاع العربية في بعض مباني هذا العصر، إلا أن هذه المحاكاة قلما كانت تامة، حتى في أقرب المباني إلى الوضع العربي مثل سبيل عبد الرحمن كتخدا المبني سنة (1157ه/1744م)، وهو في ملتقى شارعي النحاسين والجمالية، ويكفي للدلالة على أنه ليس عربي الشكل من كل وجه شكل شبابيكه ومصبعاتها النحاسية - قارن هذه بشبابيك خسرو باشا العربية الشكل.
ولم يكن الولاة وحدهم هم المشيدين لهذه الآثار، بل إن معظمها كان من عمل أمراء المماليك أنفسهم، وشيخ المشيدين والمرممين في ذلك العصر هو «عبد الرحمن كتخدا» من كبار المماليك الذين استحوذوا على جانب عظيم من السلطة في أواسط القرن الثامن عشر بعد الميلاد، فإن بالقاهرة من آثاره 18 جامعا ما بين منشأ ومجدد، وذلك عدا الكثير من الزوايا والأضرحة الصغيرة التي رممها، وعدا السبل الكثيرة التي أنشأها، وله أيضا قناطر - كبار - وأعمال أخرى هندسية، ومن أجمل آثاره سبيله الصغير، السالف الذكر، وإن كان في الحقيقة أصغر أعماله. ومن مبانيه جامع خارج باب الفتوح وآخر بالقرب من باب الغريب ملحق به صهريج وسبيل ومدرسة، وبنى صهريجا آخر للسقائين بالقرب من جبانة الأزبكية، وجدد ضريح السيدة زينب وضريح السيدة سكينة، وشيد غيرهما بالقرب من باب القرافة وبجهة عابدين وغيرها. ومن أهم آثاره تجديداته بالأزهر، فإن معظم ما جدد أو زيد في هذا الجامع حتى جعله في شكله الحالي؛ من عمل عبد الرحمن كتخدا، ذلك إلى ما أنشأه فيه من دور الكتب والمطابخ وغيرها تشجيعا لطلب العلم.
وآخر ما أقيم بمصر من الآثار التركية الجميلة المكتب والسبيل اللذان بناهما السلطان مصطفى الثالث (1173ه/1759م) تجاه مسجد السيدة زينب عند مدخل شارع الكومي الموصل للمدرسة السنية، والمدرسة والسبيل والمكتب التي بناها السلطان محمود الأول (1164ه/1750م) في شارع درب الجماميز في مدخل حارة الحبانية أمام قنطرة سنقر. والبناءان في قمة ما وصل إليه فن العمارة التركية البحتة من الإتقان.
يعلم مما تقدم أن الآثار العربية لم تهمل أثناء العصر العثماني في مصر، بل عني بصيانتها وزيد عليها بقدر ما تسمح به ثروة البلاد في ذلك الحين، وإن ما أصاب الآثار العربية من الإهمال - بل الإبادة - لم يبتدئ إلا منذ أوائل القرن الثالث عشر الهجري - التاسع عشر م - عندما استولت الحكومة على ريع الأوقاف التي كان يصرف منها على صيانتها. وزاد الطين بلة ما ابتدأ به ذلك العهد من إصلاح البلاد على النمط الأوروبي؛ إذ اقتضى ذلك إنشاء شوارع مستقيمة بالقاهرة، وغالى القائمون بهذا الإصلاح، فهدموا كثيرا من الآثار النفيسة لإيجاد فضاء للشوارع أو الميادين المراد إنشاؤها. وأوضح مثال لذلك «شارع محمد علي»، فإنه لم يتم إنشاؤه إلا بعد أن هدم لأجله الكثير من المباني الأثرية الفاخرة؛ من ذلك جامع بديع كان ب «ميدان باب الخرق» تلهج كتب التاريخ بفخامته،
4
وجامع «قوصون» - قيسون - وجامع أزبك - موضع العتبة الخضراء - وكان الأخيران من الجوامع الفخمة العظيمة. (1) سبيل ومكتب خسرو باشا، (2) وسبيل ومكتب عبد الرحمن كتخدا. (رسم علي أفندي يوسف).
Shafi da ba'a sani ba