Tarihin Misra Tun Daga Fatan Usmani Har Zuwa Kafin Lokacin Yanzu
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Nau'ikan
وكان محمد علي في أعظم سطوته وبأسه؛ إذ قد بلغ عدد جيشه في هذا الوقت ربع مليون جندي منها 130000 من الجنود النظامية و40000 من رجال البحرية، فأول عمل قام به مناصبا الدولة أن أعلن: (1)
أن الفرنسيين آتون لمساعدته. (2)
أنه حامي الإسلام ضد الكفار. (3)
تحذيره المارونية من الإنجليز، وقال: إنهم يقصدون بتدخلهم في الأمر نصرة الدروز على كاثوليك لبنان.
إلا أن ذلك لم يجد نفعا؛ لأن أهالي الشام كانوا قد سئموا حكمه، فثاروا على إبراهيم باشا بمساعي «رتشرد وود» أحد رجال السفارة الإنجليزية، فإنه جمع رؤساء القبائل، وأوضح لهم عاقبة الحالة حتى أفلح في إثارة خواطرهم على إبراهيم. وربما كان هذا أكبر سبب في هزيمة الجيش المصري؛ إذ بمجرد ظهور أسطول المتحالفين في المياه الشامية قامت الثورة في لبنان ، فكان تأثيرها في القضاء على ملك محمد علي في الشام أكثر من أساطيل الحلفاء وجيوشهم.
ابتدأت المناوشات عندما وصلت أساطيل الحلفاء أمام بيروت بقيادة «ستبفورد» و«نبيير» الإنجليزيين، ومعها جيش عثماني مؤلف من 4000 جندي. فشرعت الأساطيل في إطلاق قنابلها على بيروت (رجب سنة 1256ه/سبتمبر 1840م)، ونزل الجيش العثماني بالقرب من المدينة، إلا أنها لم تفلح في الاستيلاء عليها لحسن دفاع سليمان باشا عنها، ولما وصل الخبر إلى إبراهيم في دمشق سير مددا إلى بيروت، هزم في الطريق عند قرية «برومانة» في (رجب سنة 1256ه/سبتمبر سنة 1840م)، ثم أنزل الحلفاء قوة أخرى عند صيداء فاستولت عليها عنوة قبل أن يصل إليها إبراهيم باشا الزاحف لتخليصها، فاشتبك مع الحلفاء في 8 أكتوبر في موقعة فاصلة عند «قلعة ميدان» كانت الدائرة فيها عليه، وقد قال شاهد عيان: إن إبراهيم باشا نجا مع ثلة صغيرة من الفرسان بكل مشقة راجعا إلى دمشق. ولما سمع سليمان باشا بذلك أخلى بيروت وانضم إلى إبراهيم، ثم استولت أساطيل الحلفاء على «عكاء»، وكانت فيها حامية مصرية عظيمة، فلم تقو على المقاومة أكثر من ثلاثة أيام.
فلما علم محمد علي بسقوط هذه المدينة حزن حزنا شديدا، ثم أرسل بعدها بزمن يسير إلى إبراهيم يأمره بإخلاء كل بلاد الشام؛ لأن مركزه أصبح حرجا جدا. ولم يتمكن من إرسال النجدات برا؛ لأن ما لديه من الجند كان يحرس بحارة الأسطول التركي الذين تألبوا على أحمد باشا فوزي قائدهم، وأنكروا عليه ما أتى به من العصيان؛ فاضطر محمد علي إلى إنزالهم إلى الشاطئ وحراستهم، ولم يمكنه إرسال المدد أيضا من جهة البحر خوفا من أسطول الحلفاء الذي كان يتجول في تلك المياه.
ولما وصل الخبر إلى إبراهيم بإخلاء بلاد الشام أخذ في إخلائها. وقد أظهر من المهارة والحذق هو وسليمان باشا في تقهقر جيشه في وسط صحراء سورية ما شهدت به الأعداء، وقام كل ضابط من رجاله بواجبه، وحافظ على النظام إلى آخر لحظة من حياته.
ابتدأ ذلك التقهقر من مدينة دمشق في (5 ذي القعدة سنة 1256ه/29 ديسمبر سنة 1840م)، وكان عدد الجيش 62000 جندي، يتبعهم عشرون ألفا من الأطفال، والنساء. وقد لاقى الجيش في سيره عناء شديدا؛ إذ كانت الأعراب تتخطفه من أطرافه وأهل البلاد يناوشونه، حتى كان يضطر إلى محاربتهم من آن لآخر. وبعد أسبوع وصل إلى بلدة «المزاريب»، ومن ثم سير إبراهيم باشا سليمان باشا بالمدافع والخيل من طريق الصحراء إلى العقبة، وسار هو ومن معه إلى أن وصل إلى «غزة». وكان قد هلك أثناء هذا التقهقر ثلثا من معه من الجند وكثير من المستخدمين الملكيين. فكتب إلى والده يخبره بقدومه، ويطلب منه إرسال ما يلزم من السفن لنقل الجند إلى الإسكندرية وما يلزمهم من المئونة، فأرسل له أسطولا مكونا من ثماني سفن.
وبعد سقوط «عكاء» أبحر «نبيير» بأسطول الحلفاء إلى الإسكندرية، وقابل محمد علي وأخبره أنه إذا خضع للخليفة أخذت دول التحالف على عاتقها أن تتوسط لدى الباب العالي ليعطيه مصر وراثة، أما إذا استمر على عدم الإذعان فإنه يضطر إلى ضرب الإسكندرية وتخريب قصر رأس التين نفسه؛ فقبل ذلك محمد علي بعد أن يئس من مساعدة فرنسا له، ورد الأسطول العثماني إلى القسطنطينية.
Shafi da ba'a sani ba