Tarihin Misra Tun Daga Fatan Usmani Har Zuwa Kafin Lokacin Yanzu
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Nau'ikan
كلوت بك.
فسر محمد علي من المشروع وأمر بتأسيس المدرسة وجعلها تحت رياسة كلوت بك، وأسس محمد علي بجوار هذه المدرسة مدرسة للطب البيطري، وولى رياستها للمسيو «هامون» الفرنسي، ومدرسة للهندسة بالخانقاه جعل رئيسها «لامبير بك » وأخرى للموسيقى بالقلعة، وبنى مدرسة لتعليم الفنون والصنائع، وأخرى لتعليم الألسن، وقد قال عنها «علي باشا مبارك» في كتاب «الخطط» في ترجمة رفاعة بك ناظرها ما يأتي: «عرض رفاعة بك على محمد علي تأسيس مدرسة لتعليم اللغات الأوروبية ينتفع بها الوطن، ويستغنى بمن يتخرج فيها عن الدخي، فأجابه إلى ذلك، ووجه به إلى مكاتب القطر لينتخب التلاميذ لهذا الغرض، فأسس المدرسة، وعند الامتحان امتحن التلاميذ في اللغة الفرنسية وغيرها من العلوم المدرسية فظهرت نجابتهم. ثم أنشأ بها قلما للترجمة، ترجم فيه كثير من الكتب الأوروبية في كل فرع من العلوم، وكان بهذه المدرسة أيضا قسم تجهيزي خاص، فنبغ فيها رجال بارعون في إنشاء اللغة العربية والعلوم. غير أن هذه المدرسة قد ألغيت في عهد عباس باشا الأول.»
ولم يفت محمد علي أمر تحسين الزراعة العملية، فأنشأ لها مدرسة ببلدة «نبروه» من أعمال مديرية الغربية، وأحضر إليها المعلمين وآلات الفلاحة من أوروبا لتدريس هذا الفن علما وعملا، إلا أن جهل الأهالي وقف عقبة كئودا أمام سيرها؛ فاضطر محمد علي إلى نقلها إلى شبرا الخيمة لتكون تحت رياسة «المسيو هامون»، ولكن ذلك لم يجد نفعا أيضا، وأخذت في الاضمحلال حتى أغلق بابها.
ولم تقف همة محمد علي باشا عند إنشاء المدارس في جميع أنحاء القطر، بل أرسل عددا كبيرا من الشبان المصريين إلى أعظم ممالك أوروبا - وخصوصا فرنسا - لتلقي العلوم بها، حتى إذا ما عادوا إلى مصر استغنى بهم عن استزادة عدد الأوروبيين. فأرسل البعوث من المصريين ليتعلموا العلوم الغربية، وليستعينوا بآراء الفرنسيين وأفكارهم وطرق حياتهم على إصلاح شأن مصر. ومن الغريب أن آباء التلاميذ كانوا يندبون حظ أبنائهم الذين ساعدهم الحظ الأوفر باختيارهم للرحيل إلى أوروبا، واستعملوا كل الوسائط لحرمان أولادهم من ثمرة العلم، فلم يثن كل ذلك عزم محمد علي، وأرسل في عام (1242ه/1826م) أربعين طالبا فتحت لهم مدرسة خاصة في باريس عهد أمر إدارتها إلى الأستاذ الشهير «المسيو جومار»، فقام بها خير قيام، واختار لها مدرسين أكفاء، وخصص كل واحد من التلاميذ بدراسة فرع من العلوم خاص ليتقنه. وكان ممن تعلم بهذه المدرسة إسماعيل باشا الخديوي، والأمير أحمد، والأمير مصطفى فاضل، والأمير حليم باشا، وشريف باشا، ومراد باشا، وعلي مبارك باشا.
6
ثم أرسل عام (1248ه/1832م) اثني عشر طالبا آخرين إلى باريس ليتمموا علوم الطب، ثم أرسل غيرهم حتى صار ما أرسله إلى أوروبا إلى عام (1258ه/1842م) يربو على 120 طالبا، أكثرهم إلى فرنسا، وقليل منهم إلى إنجلترا، وألمانيا.
7
وكان ديوان المعارف في ذلك العصر يديره رجل كبير الهمة خطا به خطوات واسعة، وقد أشار إلى ذلك «بيتون» المؤرخ الإنجليزي في كتابه على مصر؛ إذ قال: «إن ديوان المعارف في عصر محمد علي كان في يد «أدهم بك» الذي قام بإدارة شئونه خير قيام، حتى كان أحسن دواوين الحكومة نظاما.»
بعض طلبة البعوث العلمية.
ومع ما بذله محمد علي في نشر العلوم، كان كثيرون ممن زاروا البلاد المصرية من الغربيين في أيامه متفقين على أن أكبر غلطة له أنه أراد أن يطفر بمصر طفرة في سبيل الرقي؛ فكانت النتيجة أن ما تعلمه الأهالي لم يبن على أساس متين. ونحن لا يسعنا إلا أن نقول: إن مساعي محمد علي في تحسين حال التعليم في البلاد كانت من أنجح أعماله في مصر؛ إذ كان هو نفسه ممن يعتقد نفع التعليم الأوروبي، فأثر هذا الاعتقاد في كثير من الأهالي أصحاب النفوذ في البلاد، وكان إدخاله العلوم الحديثة في البلاد ونبوغ الذين تعلموها في مدارس أوروبا من المصريين من الدواعي التي أدت إلى محو كثير من الاعتقادات القديمة في التعليم. ولا شك أن بعض الذين تعلموا في فرنسا نبغوا وبنوا ركنا عظيما في تاريخ مصر الحديث، فضلا عن أن ما ترجموه هم وتلاميذهم من الكتب إلى اللغة العربية وطبع في مطبعة بولاق التي أسسها محمد علي أفاد العالم المصري فائدة خالدة الأثر.
Shafi da ba'a sani ba