109

Tarihin Misra Tun Daga Fatan Usmani Har Zuwa Kafin Lokacin Yanzu

تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر

Nau'ikan

إن من يفكر في الصعوبة التي تعترض الحاكم عند إنشائه نظام حكومة جديدة في بلاد كمصر كانت مجالا فسيحا للسلب والاضطهاد والفوضى؛ لا يسعه إلا أن يعترف بأن ما قام به محمد علي في تلافي هذا الخلل يستحق عليه أعظم ثناء، ويجعله في عداد كبار المصلحين على قلة عددهم وبخل الزمان بأمثالهم؛ لذلك يقابل بالقبول ما بالغ به في مدحه «السير مري» - في مذكراته عن حياة محمد علي - إذ يقول:

إن العالم الإسلامي منذ فناء دولة العرب الزاهرة من بلاد الأندلس لم يظهر فيه حاكم يضارعه في أعماله وصفاته، فمثله مثل صلاح الدين في عدله وتسامحه الديني.

ويجب على من يريد أن يحكم على محمد علي وما أدخله على حكومة مصر من التغييرات، وأن يقارنه بنابغ من ساسة عصره الغربيين، أن يلاحظ الزمان والمكان لكل منهما، حتى تكون مقارنته قوية الأساس، لا يتطرق إليها الخطأ.

تولى محمد علي الحكم فلم يغير ما كان عليه نظام الحكومة في عصر المماليك حتى عام (1241ه/1826م)، وهو العام الذي أدخل فيه التعديل العظيم في نظام الحكومة، متخذا الأنظمة التي وضعها نابليون للبلاد رائدا له.

فأنشأ «ديوانا خديويا»

2

جعل مقره القلعة، وكان يرأسه الوالي، وينوب عنه في غيابه «الكتخدا»، وكان عمله الفصل في الأمور التي ليست خاصة بالقاضي الشرعي أو التي لا يحتاج الأمر فيها إلى عرضها على القاضي، أو على مجلس آخر وذلك لظهورها وجلائها. وكان هذا الديوان يفصل في القضايا التي يعرضها ضابط القاهرة

3

بعد تحقيقها ابتداء في المحارس «القرهقولات».

ثم أنشأ مجلسين: أحدهما كان يسمى «مجلس المشاورة الملكي» وينتخب هو أعضاءه بنفسه، وكان عددهم يتراوح ما بين 30 و40 عضوا، وكانوا ينظرون في شئون البلاد العامة، وعليهم تعرض القوانين قبل سنها. ومع أن رأي هذا المجلس كان استشاريا محضا، تمكن به محمد علي من تخفيف عبء المسئولية الملقاة على عاتقه أمام شعبه وأمام الدول الأجنبية.

Shafi da ba'a sani ba