Tarihin Misra Tun Daga Fatan Usmani Har Zuwa Kafin Lokacin Yanzu
تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر
Nau'ikan
ولما خرج إسماعيل باشا - وهو أصغر أولاد محمد علي - لتولي قيادة الجيش اجتاز هو ومن معه الحدود المصرية، ودخلوا أرض دنقلة، حيث تقيم البقية الباقية من المماليك الذين طاردهم إبراهيم باشا كما تقدم والتجئوا إلى هذا الإقليم.
فلما علموا بذلك انقسموا قسمين: قسما سلم صاغرا بدون معارضة، وآخر ركب رأسه فارا إلى كردفان بعد أن تشتت شمله وناله من العناد والذلة ما ناله.
ومما هو خليق بالذكر هنا أن إبراهيم بك الكبير مات بدنقلة قبل الحملة بزمن يسير، وبموته انقرضت رؤساء هذا العنصر الذي حكم مصر ستة قرون تقريبا.
سار إسماعيل وبيده زمام القيادة العامة ولم يعترضه في طريقه عقبات تذكر حتى وصل مدينة «كرتي»، حيث سحق عرب الشيخية وشتت شملهم في موقعتين فاصلتين؛ ومن ثم يمم جيشه «بربر»، ودخلها بدون مقاومة في (جمادى الآخرة سنة 1236ه/مارس سنة 1821م). وفي 4 شعبان من تلك السنة دخل أيضا مدينة «شندي» التي سلمها الملك «نمر»، وتم له إخضاع قبيلة الشيخية. وما زال إسماعيل متوغلا في البلاد حتى وصل رأس الخرطوم، ثم حول وجهه شطر النيل الأزرق، ولحسن حظه دخل «سنار»، وهي حاضرة أكبر إقليم في السودان، بدون معارضة تذكر؛ وذلك أن سلطانها «بادي» وأخاه كانا إذ ذاك يتنازعان الملك، فنجح إسماعيل في تثبيت عرش «بادي»، الذي قابله بكل تجلة وحفاوة، ثم قبل أن يكون نائبا عن محمد علي في هذه الأرجاء الشاسعة مع الاعتراف بسلطانه. ومن هناك أرسل إسماعيل آلافا من العبيد إلى أسوان؛ حيث أعد لهم معسكر لتدريبهم على الفنون الحربية الحديثة.
وتفشى المرض في جيش إسماعيل أثناء إقامته بسنار، حتى اضطر إلى أن يطلب مددا ومئونة من أبيه لانحطاط قوة الجيش لقلة عدده وفتور عزيمته، ذلك إلى أن جنده كانوا بين قبائل شتى معادية لهم، ولا يمكنهم أن يصدوا هجماتهم إذا ثار ثائرهم وخرجوا عليهم.
لذلك كان إسماعيل قلقا مضطربا، ولكن هدأ روعه وسكن اضطرابه إذ علم بوصول المدد إليه، فرجع قافلا منحدرا إلى ملتقى النيل الأزرق بالنيل الأبيض، حيث وصل المدد الذي أرسله أبوه تحت إمرة أخيه «إبراهيم باشا»، فلما وصل إسماعيل بجيشه والتقى بأخيه اتفقا على تقسيم العمل والجيش معا؛ فكانت مهمة إسماعيل الزحف بجيشه إلى أعالي النيل الأزرق بقدر استطاعته، وأما مهمة إبراهيم فهي الاستكشاف عن النيل الأبيض من الجهة الغربية، وكان الباعث له على ذلك رغبته في الوصول بجيشه إلى المحيط الأتلنتي إذا كان النيل الأبيض متصلا بنهر النيجر، وإذا لم يتحقق له ذلك عاد إلى كردفان وعبأ جيشا يسير به نحو الشمال مخترقا الصحراء حتى يصل إلى طرابلس، ومن هناك إلى البحر الأبيض المتوسط. وإن هذه الخطة لتدل صراحة على مقدار ما كان يطمح إليه محمد علي وأولاده، كما تدل على مقدار هممهم العالية وثقتهم بأنفسهم.
وصل إسماعيل في زحفه على النيل الأزرق إلى «تومات»، أما إبراهيم باشا فقد اعترضه مرض شديد، حال بينه وبين تنفيذ خطته، واضطره إلى العودة لمصر بعد أن وصل جيشه إلى جبل «دنكا» جنوبا.
وفي منتصف عام (1237ه/1822م) أرسل محمد علي جيشا ثالثا تحت قيادة صهره «محمد بك الدفتردار» لغزو كردفان، فهزم بعض القبائل عند مدينة «بارا»، واستولى على الأبيض، وضم إقليم الأبيض إلى مصر.
ومما قام به هذا الجيش أيضا الانتقام من «نمر» ملك شندي على نكايته بإسماعيل ومن معه.
وذلك أن إسماعيل وهو عائد إلى مصر ظافرا منصورا أهان نمرا إهانة شنيعة، فأسرها نمر في نفسه، وأخذ يفكر في طريقة الانتقام من إسماعيل، حتى بيت رأيه على أن يأدب مأدبة فاخرة يدعو فيها إسماعيل ومن معه، فلما تم له ذلك، ولبى دعوته إسماعيل ومن معه، أمر أتباعه وأشياعه بأن يجمعوا حول نزله حطبا ومواد ملتهبة ثم يضرموا فيها النار، ففعلوا فشبت النار في النزل، فدمرته وحرقت جميع من فيه، وكان بين المحروقين إسماعيل، الذي لبى دعوته جاهلا بنيته الخبيثة.
Shafi da ba'a sani ba