Tarihin Masana'antar Kwaikwayo a Duniyar Larabawa: Karni na Sha Tara
تاريخ المسرح في العالم العربي: القرن التاسع عشر
Nau'ikan
170
ويقول عنه أيضا عمر وصفي: «كانت سلطة القرداحي على المترجم عظيمة، بل سلطته على مؤلف الرواية أعظم إذ كان يحذف من الرواية ما يشاء ويضيف إليها ما يشاء ويغير ويبدل من مواقفها ما يشاء، فكانت تخرج الرواية من يد المترجم وإذا بها غيرها في يد مدير الفرقة. ولم يكن القرداحي يعرف الإعلانات التي نراها الآن ... بل كل إعلانه ينحصر في طائف ينادي في الشوارع يحمل جرسا وخلفه غلام يحمل إعلانا مكتوبا باليد وعليه اسم الرواية.»
171 (3) فرقة القباني
ولد القباني بدمشق عام 1842، ولما شب كلفه والي دمشق صبحي باشا بتأليف فرقة مسرحية، فقام بالعمل على خير وجه، ولاقت هذه الفرقة التي كانت تضم جورج ميرزا وإسكندر فرح،
172
نجاحا كبيرا. ولكن بعض مشايخ الشام «قدموا تقريرا إلى دار خلافة الإسلام، قالوا فيه: إن وجود التمثيل في البلاد السورية مما تعافه النفوس الأبية، وتراه على الناس خطبا جليلا، ورزءا ثقيلا؛ لاستلزامه وجود القيان، ينشدن البديع من الألحان بأصوات توقظ أعين اللذات في أفئدة من حضر من الفتيان والفتيات، فيمثل على مرأى الناظرين ومسمع من المتفرجين أحوال العشاق وما يجدونه من اللذة في طيب الوصل بعد الفراق، فتطبع في الذهن سطور الصبابة والجنون وتميل بالنفس إلى أنواع الغرام والشجون، والتشبه بأهل الخلاعة والمجون. فكم بسببه قامت حرب الغيرة بين العواذل والعشاق وسفك الدماء البريئة وأراق! وكم سلب قلب عابد وفتن عقل ناسك وحل عقد زاهد! كذا قد يرى الإنسان فيه من اللهو. وأحاديث اللغو ما يذهب بفكره ويضل الطير عن وكره حتى إذا ما ارتكبت النفس أعظم الموبقات واجترمت أنكر المحرمات وابتذلت الخدور ونفقت سوق الفحش والفجور وذهب المال وساء الحال، لا ينفع من ثم التلافي بعد التلاف، ولا يرد السهم إلى القوس وقد خرق الشغاف. ومثلوا بالتمثيل زاعمين أنه أس كل رذيلة وفعل وبيل.»
173
ولكن عمر وصفي - أحد ممثلي فرقة القباني - سرد لنا هذا الأمر برواية مختلفة في الشكل، متفقة في المضمون، قائلا: «فقد ذهبت النساء إلى رجال الشريعة يشكون أزواجهن؛ لأنهم يتغيبون عن البيت ... واشتكى أصحاب العمل من أن العمال أخذوا يهملون في العمل ويتغيبون عن المصانع لمشاهدة التمثيل ... وزادت الشكوى فاجتمع علماء المدينة وأرسلوا منهم وفدا إلى الوالي مدحت باشا ليأمر بمنع التمثيل والقضاء على كل هذه الشكاوى. ولكن الوالي وهو الذي حث وساعد على تأسيس هذه الفرقة لم يستمع إلى كلامهم ولم يعره التفاتا. رأى العلماء بعد ذلك أن لا مناص لهم من الالتجاء إلى السلطان لينقذهم من ذلك الخطر المداهم فأوفدوا إمام الأئمة إلى إسطنبول لرفع الشكوى إلى الأعتاب السلطانية. ووصل الشيخ إلى إسطنبول ولكنه لم يتجه بشكواه إلى القصر السلطاني بل انتهز فرصة صلاة السلطان في أحد المساجد في يوم الجمعة فدخل مع المصلين، ولم تكد تنته الصلاة حتى سمع الناس رجلا يبكي ويولول ويصيح: انقذوا الشام ... أدركوا دمشق، أنقذوا إخوانكم المسلمين من الفسق والفجور! وقبض طبعا على الرجل فورا، وأخذ إلى مركز البوليس للتحقيق معه فأخذ يبث شكواه ويصف ما آلت إليه دمشق من الانحطاط الخلقي مهولا في ذلك ما أمكن. وكان من الطبيعي أن يسأل من أمر ذلك الرجل الذي أزعج السلطان بصياحه في المسجد، فعرضت شكواه على السلطان فأصدر أمرا بمنع التمثيل في دمشق.»
174
وأخيرا تم منع القباني من التمثيل في الشام، فأرسل إلى سعد حلابو - أحد أعيان الإسكندرية، وخال والد الفنان زكي طليمات - يستشيره في أمر الحضور إلى مصر لمزاولة التمثيل المسرحي، فأبرق إليه بسرعة الحضور.
Shafi da ba'a sani ba