وضحك برد، وقال: «أصلح الله الأمير هذا أمكر بنى أمية أراد أن يشتت عليك أمرك، لما نزل بهم من الأمر ما نزل فكأنه كسره عما أراد»، فقالت له امرأته اللخمية: وهى أخت موسى بن على بن رباح: «لا تقتل أحدا فإنك لن تقدر أن تقتل من يقتلك»، ووجه عبد الرحمن كتابا إلى أبى العباس السفاح: بسمعه وطاعته وقدم عليه فى ذلك اليوم رسول موسى بن كعب بفتح السند. فدخل عليه عمر بن عيسى بن على، فأخبره فوجم وتغير لونه وقال: إنا كنا نذكر ونتحدث أن وفاة القائم منا بالأمر يأتيه فتح المشرق والمغرب فى يوم واحد، فمات لثمانى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة سنة ست وثلاثين ومائة. فلما صار الأمر إلى أخيه أبى جعفر عبد الله بن محمد، كتب إلى عبد الرحمن يدعوه إلى الطاعة، فأجابه ودعا له، وكتب إليه بطاعته، ووجه إليه بهدية نزرة كان فيها بزاة وكلاب وكتب إليه: أن إفريقية اليوم إسلامية كلها، وقد انقطع السبى منها فلا تسألنى ما ليس قبلى.
فغضب أبو جعفر، وكتب إليه يتوعده، فلما وصل إليه الكتاب غضب غضبا شديدا، ثم نادى : الصلاة جامعة فلم يبق أحد من أشراف الناس ولا أعيانهم إلا اجتمع فى المسجد الجامع ثم خرج عبد الرحمن فى مطرف خز وفى رجليه نعلان، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم أخذ فى سب أبى جعفر، ثم قال «إنى ظننت أن هذا الجائر يدعوا إلى الحق ويقوم به حتى تبين لى خلاف ما بايعته عليه من إقامة الحق والعدل، وأنا الآن قد خلعته كما خلعت نعلى هذين» وقذفهما وهو على المنبر، ثم دعا بخلعه أبى جعفر الذى أرسل إليه فيها بسواره، وقد كان لبسهما قبل ذلك، ودعا فيها لأبى جعفر، وهو أول سوار لبس بإفريقية، وأمر بتخريق الخلعة فخرقت خرقا ثم حرقت، وأمر كاتبه خالد بن ربيعة أن يكتب كتابا يخلعه، وقرأه على جميع الناس.
وكان عبد الرحمن يخرج أخاه إلياس فى كل من خرج عليه يقاتله، فإذا ظفر به نسب ذلك الظفر إلى ابنه حبيب، وحول العهد لابنه حبيب، وكان إلياس يظن أن العهد له من بعده، ففسدت نيته عليه ولم تزل امرأته الأموية تغريه به وتحرضه عليه، وتقول له: «إنه يستخف بك، وقتل أصهارك وولى حبيبا عهده» فاجتمع رأى إلياس بن حبيب
Shafi 77