Tarihin Daular Saljuq
تاريخ دولة آل سلجوق
Nau'ikan
وأذهب حلاوة قبول الوزير من قلب السلطان، وظهرت عليه آثار الملال. ونطقت أساريره بأسراره، كالماء يبوح بأسراره صفاؤه، وتلوح في قراره حصباؤه. ومع ذلك، كلما زاد تقريب السلطان لتاج الملك، ازداد تقربه إلى الوزير، بالتوقير والتوفير. فقد كانت هذبته نكبة عميد الدولة وسيد الرؤساء. فلم يغتر من السلطان بذلك الإدناء.
لكنه تحيل عليه، ودبت في الباطن عقاربه إليه. وكان يكرم مجد الملك المستوفي ويثني عليه عند السلطان. وكان سديد الملك أبو المعالي المفضل بن عبد الرزاق بن عمر عارض الجند فقربه أيضا تاج الملك، وجعله من حزبه، واستولى بهما على حيازة الأموال والأعمال، وأنفقوا على حل نظام الملك ومخالفته، وغيروا رأي السلطان في وزارته، وراموا إزالة ذلك الطود العظيم، ونثر ذلك السلك النظيم. وهو شيخ قد طعن في سنه، وبلغ بقوته أمد وهنه، وأيس من نجابة أولاده. وطال عمره حتى سئمه، وأنس بالملمات فلن تؤلمه، فلم يكترث بهم، ولم يلتفت إليهم ولا تأثر بكيدهم، ولم يقيم وزنا لعمرهم وزيدهم، فقتل يوما غيلة بسكين ملحد، ودفن بدفنه الجود والفضل والدين في ملحد. وذلك في سنة 485 ه.
وتوفي السلطان بعد قتل الوزير بثلاثة وثلاثين يوما. ولم يعش تاج الملك بعد ذلك أكثر من ثلاثة أشهر على الخوف والخطر، ثم قتل قتلا ذريعا. وبضع بالسيوف تبضيعا. وسبب ذلك، أن المماليك النظامية اتهموه بقتله، فأجمعوا على عداوته، وفتكوا له، فعلم الناس أن سلامة تلك الدولة وأربابها، وسلامة سلطانها، كانت بسلامة ذلك الشيخ منوطة، وبحياطته محوطة.
قال: ولما مل السلطان طول مدته، واستطالة مكنته، وأنفذ إليه يوما تاج الملك برسالة، ووكل على لفظه بعين من أكابر خواصه، حتى يبالغ في إبلاغها، ولا يراقبه في أدائها. وكان مضمون الرسالة، أنك استوليت على ملكي، وقسمت ممالكي على أولادك وأصهارك والمماليك، فكأنك لي في الملك شريك. أتريد أن آمر برفع دواة الوزارة من بين يديك، وأخلص الناس من استطالتك؟ فأجاب جواب مثبت رابط القلب، حاضر اللب غير مرتاع ولا مرتاب، وقال: «قولوا للسلطان: كأنك اليوم عرفت أني في الملك مساهمك، وفي الدولة مقاسمك. وأن دواتي مقترنة بتاجك فمتى رفعتها رفع، ومتى سلبتها سلب». فلما سمع جواب الرسالة، ازداد في غيظه عليه، واستشاطته، وكأن ما جرى على نظام الملك من الاغتيال تجويزا من السلطان مضمرا.
وأمرا مبيتا مدبرا.
Shafi 223