142

Tarihin Daular Saljuq

تاريخ دولة آل سلجوق

Nau'ikan

ذكر وزارة تاج الدين بن دارست الفارسي

قال: كان ابن دارست، وزير بوازبه صاحب فارس، فرتبه في وزارة السلطان ليصدر الأمور على مراده، ويورد على وفق إيراده. وكان هذا الوزير رفيع البدر، محبا للخير، مبغضا للشر، فما فعل أمرا ينقم عليه، ولا أحال حالا تتوجه لأجلها اللائمة عليه. ونائبه أمين الدين أبو الحسن الكازروني ذو الدين المتين، والحلم الرزين، والاستهتار بأعمال الشر، والاشتهار بأفعال الخير. وتولى ديوان العرض والد الوزير عضد الدين، وهو جميل مجمل لمذهبه، مهذب لمنصبه. وأقروا ولاية أذربيجان وأرانية جميعها على ابن طغايرك عبد الرحمن، وقرروا إبعاد خاصبك بن بلنكري عن السطان.

فسار في خدمة ابن طغايرك أميرا، وصحبه في مضمار الخلصاء ولم يخلص في صحبته ضميرا. وتقرر أن يكون أحد الثلاثة بالنوبة ملازما لخدمة السلطان حتى يسلم لهم جانبه، وتؤمن نوائبه. وانفصل الأمير بوزابه إلى بلاد فارس، ورحل السلطان إلى بغداد ومعه الأمير عباس صاحب الري، في شوكة مانعة، وهيئة رائعة.

قال: ولما قدموا بغداد في خريف هذه السنة، خرجت مع الفقهاء لتلقيهم والناس مشتتلون على تخوفهم منهم وتوقيهم. فلما حلوا ببغداد نزلوا دورها، وسكنوا للتخريب معمورها. وألهبوا الكروب، وأرهبوا القلوب. وكانت هذه عادتهم إذا وصلوا، وعادتهم إذا نزلوا. فتكمن الأتراك، لا يتركون ممكنا من الجهل، وعندهم أن الظلم من العدل. ولكن الوزير نزل في دار الوزارة بالأجمة، متوخيا بث

المكرمة. وأمر بتجديد عمارة المدرسة التاجية التي بناها خاله الوزير تاج الملك أبو الغنائم بن دارست ببغداد، وأوطنها شيخنا شرف الدين يوسف الدمشقي فأحيا دريسها بدروسه، وأشرق أفقها بنجوم العلم وشموسه. ورتب الوزير في داره مجالس للختمات، وحضور أئمة الفرق وفقهائها للمناظرات. ولم يعارض السلطان في شيء من أوامره وأموره، وابتسمت الدولة بأسفاره وسفوره. لكنه مع تقاصر مدته ما أمر

ولا أحلى، ولا شغل ولا أخلى، ولا عزل ولا ولى. كل ذلك طلبا للسلامة، واستقاء لماء الاستقامة. وعلما بوخم العاقبة، وألم المعاقبة. فلا جرم توفرت الدواعي على حبه، وفرت العوادي من حربه وحزبه.

Shafi 324