Tarihin Daular Saljuq
تاريخ دولة آل سلجوق
Nau'ikan
وذلك أن زنكيا كان إذا نام، ينام حول سريره عدة من خدامه، يشفقون عليه في حالتي يقظته ومنامه. يذودون عنه ذود الآساد في ملاحمه، ويزورونه زور الخيال في أحلامه. وهم من الصباح الروق في حسن الصباح لدى الشروق. وهو يحبهم ويحبوهم، ولكنه مع الوفاء منهم يجفوهم وهم أبناء الفحول القروم، من الترك والأرمن والروم. وكان من دأبه أنه إذا نقم على كبير أرداه وأقصاه، واستبقى ولده عنده وخصاه. وإذا استحسن غلاما استدام مروديته بالخصي والسل، وفاجأه ووجأه بقطع النسل. فهم على أنهم من ذوي الاختصاص ينتهزون فيه فرصة الاقتصاص. فنام تلك الليلة إليهم مستنيما، وللوثوق بهم مستديما. وهو صريع الراح، نزيف الأقداح. فغلبه نعاسه وملكه رقاده، وحوله مماليكه مرده ومراده. فانتبه وهم قد شرعوا في اللعب، وأخذوا في الشراب والطرب. فزبرهم وزجرهم، ومنعه السكر من الكلام حين أبصرهم. فحرك رأسه يتوعدهم، وهينم بلسانه يتهددهم، ولم يدر أن تحريكه للرأس سبب قطعه، وأن نزوله على القلعة بالنازلة خاتمة قلعه. فتولى كبيرهم الأمر والباقون ساكتون، وتحرك ورفقاؤه ساكنون. وكان اسمه يرنقش فخف إليه، وبرك عليه، وفرشه على فراشه، وغشيه في غشاشه. وذبحه في نومه، ولم يغن عنه ذب قومه. وخرج ومعه خاتمه، وهو لا يرتاب به لأنه خاص زنكي وخادمه، وركب فرص النوبة موهما أنه في مهم، وقد ندب لكشف ملم. وأهل القلعة في أضيق شدة وأشد ضيق، وكلهم لبأس المطيف بهم غير مطيق. حتى أتاهم الخادم فتحدث بما أحدث، فأشاعوا قتل زنكي من القلعة، بهم غير مطيق. حتى أتاهم الخادم فتحدث بما أحدث، فأشاعوا قتل زنكي من القلعة، وارتاع الناس لما هالهم من الروعة، وركبوا ولبسوا السلاح، ورقبوا تلك الليلة لأمرهم إلى الصباح. وزحف بعضهم إلى خيمة جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور، فرمى بالنشاب، وحصل من أمره في الاضطراب. فقصد من حماه من الأمراء، وشاركه في تصويب الآراء. واتفقوا على أن يبادر نور الدين محمود بن زنكي إلى الشام، للحوطة على ثغور الإسلام. فسار معه أولياؤه، وكبراء الشام وأمراؤه، وكبيرهم صلاح الدين محمد اليغبساني، وسار معه أسد الدين شيركوه، وانحازت إليه الأعيان والوجوه. فملك حلب، وبلغ المراد وغلب، وافتض الفتوحات الأبكار، واستخلص من الكفار الديار.
وأما الوزير جمال الدين محمد بن علي أبي منصور، فإنه لما بعد عنه من كان يحذره، وعرف الأمر ممن كان ينكره ضم العسكر واستمال الملك ألب أرسلان وأطمعه في المملكة، وحثه على الحركة. وكاتب زين الدين علي كوجك بالموصل، على أن يستدعي سيف الدين غازيا، أكبر أولاد زنكي، وكان لا يفارق خدمة السلطان مسعود بأمر والده، أمنا به من غوائل القصد ومكايده. فكتبوا إليه بالواقعة، وأشاروا عليه بالمسارعة. فاتفق وصول الخبر إليه بشهرزور وقد انفصل عن السلطان بدستور.
Shafi 320