Tarihin Daular Saljuq
تاريخ دولة آل سلجوق
Nau'ikan
وأما يرنقش البازدار، فإنه رهب فهرب، ودار بخلافه حتى أتى دار الخلافة، فحط بحرم الأمن ورحل المخافة، واستصحب معه من الأتراك جمعا كثيرا، وصار بين الخليفة والسلطان للشر مثيرا. وأشاع عن السلطان نقض الأيمان، ورفض الإيمان. وزعم أنه قد عزم على صدق القصد، وأنه باغ، باغ 1زرع الدولة المسترشدية بالحصد. وكان الخليفة قد انقرض من السلطان في تغييرات غيرت فيه آراءه، وبدت من شحنة ببغداد ما أبدت شحناءه. فلما سمع قول يرنقش، صار يرى نقشه في الحجر، ونبت ما شجر من الخلاف والعناد عند الخليفة نبت الشجر. وكان السلطان قد هم باتباع يرنقش بعسكر يكفه ويكفيه، ويقف على أثره ويقتفيه. فصدق الخليفة قصده، وتحقق حق عناده عنده. فحينئذ خطب وخاطب، وطلب وطالب. وخرج بنفسه في هيأة رائعة، وهيبة رائقة. وخرج معه من كل طائفة أعيانها، وتعاونت على التناصر أنصار الدولة وأعوانها. وسار وقد صحبه حتى الشعراء والأطباء، والصوفية والفقهاء. وفي تلك السفرة يقول أبو القاسم بن الفضل الشاعر قصيدته التي أولها:
في العسكر المنصور نحن عصابة مرذولة أحسن بنا من معشر
خذ عقلنا من عقدنا فيما ترى من خفة ورقاعة وتهور
ويقول فيها:
تكريت تعجزنا ونحن بعقلنا نسعى لنأخذ ترمذا من سنجر
قال: ولم يقدر على التخلف عن الخليفة ذو قدر، ولم يفسح لذي عذر. وسار في حشد وحشر، وضم ونشر. ونمي إلى السلطان خروج الخليفة فشق عليه شقاقه، وأظلمت آفاقه. فخرج صوبه من همذان، والتقوا بمرج يقال له داي مرك. ولما تراءى الجمعان، مال الجنس إلى الجنس، فمال الترك إلى الترك، وأسلموا حرمة الإسلام المصونة إلى الهتك. وتفرد الخليفة مع مفرديه، وبعد من جدي منجديه. ثم أقشع نشاصه 2، وانفل عنه خواصه. ووقف ولم يول، وثبت ولم يخل. هابت الجماعة الأقدام عليه، والتندم إليه. فنزل أمير العلم السلطاني وتقدم، ولم يزل يقبل الأرض حتى وصل إليه، فأخذ بعنانه، ثم أحدق به الأمراء كما يحدق كل موكب بسلطانه.
Shafi 299