111

Tarihin Daular Saljuq

تاريخ دولة آل سلجوق

Nau'ikan

قال: قال الدركزيني لسنجر عند عوده إلى خراسان: «إنك تعود إلى خراسان ويبعد علينا استئذانك في المهام، فاعطنا علاماتك في دروج بياض، لمقاصد تعرض وأغراض. فإذا عنت مصلحة، واتفقت منفعة للدولة مترجحة، أصدرنا بها مثالا بعلامتك، فلا يخالفه القريب والبعيد، ولا ينقاد إلا له الغوي والرشيد». وكانت علامة سنجر تحت قوس الطغراء وفوق بسم الله (توكلت على الله) فأخذ العلامات في عدة دروج، واتخذها أسبابا لاستباحة دماء وفروج. فأول مثال زوره، إنه وقع تحت علامة منها بقتل العزيز إلى صاحب تكريت بهروز الخصي. واتفق أنه كان في العسكر معهم فأرهبه وأرعبه، وأمره بالامتثال، والجري على مقتضى المثال. ففزع الخصي وتمكن منه الخوف، وكتب إلى والي تكريت نجم الدين أيوب، وخاطبه في الخطب المخطوب. وقال له: «هذا توقيع السلطان مع صاحب وزيره، يأمر بقتل العزيز وتسليمه إليه وتسييره. فإن أبيت فقد رضيت بسخطي، وخالفت شرطي، وأردت الخطأ في رد خطي».

وكان نجم الدين رجلا مسلما. فما رأى أن يكون لرجل مسلم مسلما. وعرف أخوه أسد الدين شيركوه الحال، وحجز بينه وبين الوقوف على التوقيع الواصل وحال.

فشاركه أخوه شيركوه في رد الوارد، وصرفوه بالخلع والفوائد. وكان شيركوه ملازما للعزيز ومتبركا به، ومتمسكا بسننه. وقال عماد الدين: سمعته يوما يقول: «صليت ليلة مع العزيز فسمعت هاتفا يقول: جعلك الله عزيزا كما حميت العزيز». فما أطمعني في مصر بعد نيف وثلاثين سنة إلا هذه الدعوة. وأيقنت أنني أنال هذه الخطوة. قال: فكان: ما قال، فإنه ملك مصر وصار عزيزها، ومن حاز الجنة بما فعله فلا عجب لمملكة مصر أن يحوزها.

قال: فلما عرف الدركزيني تمنع ما توقعه، ضاق عليه الفضا وما وسعه. فثقل على بهروز وفزعه. وقال له: «سر بنفسك، ولا تتنفس بسرك حتى تأتي تكريت، وبيت من بها قبل أن تبيت»، ووكل بالخصي أياما، ومزج له الشهد سماما. ثم أطلقه على الشرط فلم يشعر نجم الدين أيوب وأخوه أسد الدين شيركوه حتى هجم الخصي عليها القلعة، وقال لهما: «قد دافعتما عن هذا الرجل دفعات، فكيف هذه الدفعة». فدفعاه فلم يندفع، وردعاه فلم يرتدع، فتركاه ما شانه، فما ترك ما شانه. وكان بهروز قد استصحب معه من أعوان الدركزيني ملحدا، مثله مفسدا. فلما عرف العزيز-رحمه الله-أنه قد أسلم، وأحس بالأمر وما أعلم قام يصلي ركعتين فصلى الأولى بسورة الكهف، وشرع في الأخرى بياسين. وطالت صلاته على الملحد اللعين فضربه وهو في السجود فجاد بروحه في مناجاة المعبود. وشهد السعادة، وسعد بالشهادة، وكان مذ حبس متوفرا على العبادة؛

Shafi 293