Tarihin Kimiyyar Harshe Larabci
تاريخ علوم اللغة العربية
Nau'ikan
وأسباب كثيرة يعرف كل في محله. وقد تشدد بعض الأعلام في وجوب صيانة الأعلام من التغيير بقدر الإمكان حتى قال بعضهم: يجب صيانة العلم الأعجمي من كل تغيير مهما كلفنا ذلك من المئونة فيجب أن ننطق بها كما ينطق أهلها من غير أدنى تغيير، وهو رأي وجيه ولكنه عسر التطبيق لأن الحكم على الألسنة بإجراء ما لا عهد لها به أمر غير يسير كما يشهد به الواقع. (6-3) هل يجب إلحاق المعرب بأوزان الكلم العربية؟
ذهب بعض اللغويين إلى أنه يجب إلحاق المعرب بأوزان كلام العرب.
قال الحريري: «من مذهب العرب أنهم إن أعربوا الاسم الأعجمي يردونه إلى ما يستعمل من نظائره في لغتهم وزنا وصيغة»، وقد كرر هذا الرأي في غير ما موضع من كتابه «درة الغواص في أوهام الخواص»، منها ما جاء في صفحة 61 من طبعة الجوائب في بحث دستور، وفي الصفحة 80 في بحث الشطرنج، وقد أنكر عليه شراح كلامه هذا الرأي وعدوه من أوهامه.
والذي عليه جمهور علماء اللغة أنه لا يجب في المعرب أن يرد إلى أوزان كلام العرب. وقد جاء في كتاب سيبويه أن الاسم المعرب ربما ألحقوه بأبنية كلامهم وربما لم يلحقوه، فما ألحقوه بأبنيتهم درهم وبهرج، ومما لم يلحقوه الإفرند والآجر إلى آخر ما فصله. وقد أوضح هذه الناحية أبو منصور الجواليقي في كتاب «المعرب» وابن السيد البطليوسي في كتاب «الاقتضاب في شرح أدب الكتاب» في باب ما ينقص منه ويزاد فيه ويبدل بعض حروفه في الصفحة 215 من طبعة بيروت سنة 1901.
وبالجملة فإن الجمهور من أهل العربية لا يشترطون رد المعربات إلى أبنية اللغة العربية، ولكنهم يستحسنون ذلك إذا جاء بسهولة لتكون المعربات المقحمة على العربية شبيهة بأوزانها، ولذلك استعملوا «نيروز» أكثر من نوروز لأن نيروز أدخل في كلامهم وأشبه به لأنه كقيصوم وعيثوم، وبهذا نعلم سخف ما يذهب إليه بعض المعاصرين المتشددين من وجوب إلحاق المعربات بأوزان العرب. (6-4) تنبيه
أول من حاول استيعاب أبنية الأسماء والأفعال في اللغة العربية سيبويه فأحصى الأسماء 308 من الأمثلة، ثم جاء ابن السراج فذكر منها ما ذكره سيبويه وزاد عليه 22 مثالا، وزاد أبو عمرو الجرمي أمثلة يسيرة وكذلك فعل ابن خالويه، فتقرى أبو القاسم السعدوي اللغوي المعروف بابن القطاع أبنية الأسماء العربية وبذل جهده في الاستقصاء فاستوى لديه 1210 من الأمثال في هذا الباب، فلا يجوز لأحد أن يقضي بخروج بناء ما عن أبنية اللغة العربية ما لم يستقص هذه الأمثلة ويقتلها معرفة وضبطا. (6-5) تصريف المعرب
ينقسم المعرب إلى قسمين: الأول الأعلام، والثاني أسماء الأجناس. فالأعلام الأعجمية المنقولة إلى العربية لا يبحث في العربية عن أصول اشتقاقها أو جمودها وإنما تستعمل أعلاما في العربية كما كانت أعلاما في الأعجمية، ولا يدخلها من التصريف إلا أحكاما مخصوصة من جمع وتصغير ونحوهما.
فلا يجوز بعد هذا أن يقال إن إبليس مثلا مأخوذ من الإبلاس بمعنى البأس والانكسار وإسحاق من أسحقه الله إذا أبعده، لأن الإبلاس والإسحاق لفظان عربيان وإبليس وإسحاق علمان أعجميان، ولا يعقل أن يشتق الاسم الأعجمي من لفظ عربي.
نعم يجوز أن يؤخذ من بعض الأعلام بعض التصاريف مثل: أعرق إذا صار إلى العراق على القول بأن العراق أعجمي، ودولب إذا قصد دولاب وهي مدينة أعجمية، ويقولون تبغدد إذا تشبه بالبغداديين، وبهذا يعلم أنه يجوز اشتقاق بعض الصيغ من بعض الأعلام الأعجمية المنقولة إلى العربية، ولا يجوز قطعا أن يزعم زاعم اشتقاق علم أعجمي من لفظ عربي، ولا يغرنك ما تراه مبثوثا في معاجم اللغة من هذا القبيل لأنه صادر عن ذهول في الغالب.
وأما الضرب الثاني وهو أسماء الأجناس المعربة فلا ينبغي أن يبحث في العربية عن اشتقاقه، لأن هذا الاشتقاق إما أن يكون من أصل عجمي لا شأن للعربية فيه فيكون البحث عنه من قبيل الخلط الذي قد يؤدي إلى التخليط، وإما أن يكون الاشتقاق من لفظ عربي وهو محال إذ لا يعقل أن يشتق الأعجمي من العربي كما لا يعقل بالعكس، وإنما تشتق الألفاظ بعضها من بعض في اللغة الواحدة لأن الاشتقاق نتاج وتوليد ولا يعقل أن يتولد الشيء من غير نوعه، قال بعضهم في هذا الشأن: ومن المحال أن تنتج النوق إلا حورانا وتلد المرأة إلا إنسانا، ومن اشتق الأعجمي المعرب من العربي كان كمن ادعى أن الطير من الحوت، وما ورد في كتب اللغة مما يخالف هذا الأصل فهو تخليط لا يعبأ به ولا يجوز أن يصار إليه.
Shafi da ba'a sani ba