============================================================
ذكر سليمان عليه الشلام وقد فعل بأبيك ما فعل وصيرك مملوكة بعد أن كنت ملكة؟ فبكت ثم قال لها: أما تشتاقين إلى أبيك؟ فبكت وقالت: نعم، ولكن لا حيلة فيه قال فإني أعلمك حيلة إذا دخل عليك سليمان فادمن البكاء ولا تكلميه واذا سألك ما هذا البكاء فقولي شوقا إلى أبي فإذا قال: لا حيلة في أبيك وهو مقتول فاسأليه أن يأمر بعض الشياطين فتصور لك تمثالا لأبيك فتنظرين إليه بكرة وعشية فتتسلين به بعض السلوة ففعلت المرأة ما أمرها صخر، فقال لها سليمان: وما بكاؤك؟ قالت : ذكرت أبي واشتقت إليه وإني إذا ذكرته أصابني ما ترى فإن رأيت أن تأمر بعض الشياطين لتصور لي على هيئته فأراه فيسكن حزني فأمر سليمان بعض الشياطين حتى صور لها ما أرادت فألبسته ثيابا كما كان يلبس أبوها وكان أهلها عبدة الأصنام فتيسر لها بذلك السبب عبادة الصنم فكانت إذا خرج سليمان عبدته وسجدت له وأمرت جواريها يسجدون له، ولا علم لسليمان بشيء من ذلك حتى مضى على ذلك أربعون يوما وبلغ الناس أن امرأة سليمان تعبد الصنم في داره فجاؤوا إلى آصف بن برخيا وقالوا له ذلك فقال: أنا أعلم بذلك على أحسن وجه فدخل على سليمان فقال: يا نبي الله قد كبر سني ورق عظمي ونفذ عمري وقد أحبيت أن أقوم مقاما أذكر فيه من مضى من الأنبياء وأثني عليهم، وأعلم الناس عظم قدر من مضى فقال سليمان: افعل ذلك ثم جمع سليمان الناس وأمر آصف فقام خطيبا فذكر من مضى من آنبياء الله تعالى وأثنى على كل نبي بما فيه من الفضل والشرف حتى أتى إلى سليمان فذكر فضله وما أعطاه الله تعالى في حداثة سنه وما كان من أحواله في حياة أبيه، وأمسك عن ذكره في كبره وبعد موت أبيه فحزن سليمان لذلك فلما فرغ آصف من كلامه دعاه سليمان فقال له: يا آصف ذكرت آنبياء الله تعالى وأثنيت عليهم بما هم له أهل فلما ذكرتني آثنيت علي في صغري وسكت عما بعد ذلك فكيف هذا فقال آصف: ماذا كنت أقول فيمن يعبد في داره غير الله تعالى منذ آربعين يوما، قال سليمان في داري؟ قال: نعم، قال سليمان: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقام إلى داره وكسر الضم وعاقب المرأة على صنيعها ثم أمر سليمان بثياب طاهرة وهي ثياب لا تغزلها إلا الأبكار اللواتي لم يصبها دم فلبسها وخرج إلى براز من الأرض وأمر ففرش له الرماد فقعد عليه وتمعك فيه يتضرع ويبكي ويستغفر ويقول: يا رب ليس هذا حقك عند آل داود آن يعبد في دارهم غيرك فلم يزل كذلك حتى آمسى ثم رجع وكانت له جارية تسمى الجرادة وكان يدعوها الأمينة فإذا دخل الخلاء أو الحمام أو أراد الخلوة بالنساء دفع خاتمه إليها ليحفظ فجاء سليمان يوما بعدما كان من أمر عبادة الصنم كان في داره يريد الخلاء، فدفع خاتمه إلى جرادة فخرج الشيطان وهو صخر المارد من الخلاء ينفض رأسه ولحيته على هيئة سليمان فظتته جرادة سليمان لا تنكر منه شيئا
Shafi 269